هو أبو الحسين أحمد بن أبي بكر محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان الفقيه البغدادي الحنفي المعروف بالقدوري، ولد سنة 362هـ وتوفى سنة 428هـ، فقد نسب هذا الإمام المقدم في المذهب الحنفي إلى صناعة القدور، وذلك بمقتضى طبيعة عصرهم وسمته حيث ينبغي أن يكون للمرء مصدر رزق حلال ولو كان كفافا، ولا ضير أن يكون ذلك العمل بسيطا ومتعبا كصناعة القدور وبيعها، فعلى الرغم من صعوبة هذه الصنعة فقد وفق الإمام القدوري في الجمع بين عمله ودراسته. نشأ في بيت علم وفقه حيث كان أبوه عالما ومحدثا، فحفظ القرآن الكريم وكان مُديما لتلاوته، وتعلم العلوم الشرعية المختلفة، واجتهد وفاق أقرانه حتى انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق وبغداد التي كانت العاصمة العلمية للخلافة العباسية وقتها، وعظم عندهم قدره، وارتفع جاهه. وكان حسن العبارة في النظر، طلق اللسان، مُديما لتلاوة القرآن. وكان يناظر الشيخ أبا حامد الإسفراييني الفقيه الشافعي.أخذ الفقه عن ركن الإسلام أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني، كما أخذ الحديث عن أبي الحسين عبيد الله بن محمد الشيباني المعروف، كما روى الحديث كذلك عن أبي بكر محمد بن علي بن الحسن بن سويد المؤدِّب.للإمام القدوري متن مختصر في الفقه أوله: الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين.. إلخ، وهو الذي يطلق عليه لفظ: "الكتاب" في المذهب، وهو متن متين معتبر متداول بين الأئمة الأعيان، وشهرته تغني عن البيان. قال صاحب مصباح أنوار الأدعية: إن الحنفية يتبركون بقراءته في أيام الوباء، وهو كتاب مبارك مَن حفظه يكون أمينا من الفقر، حتى قيل: إن من قرأه على أستاذ صالح ودعا له عند ختم الكتاب بالبركة فإنه يكون مالكا لدراهم على عدد مسائله، وفي بعض شروح المجمع: إنه مشتمل على اثني عشر ألف مسألة، وشروحه كثيرة جدا.من تلاميذه: أبو بكر أحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي، وقاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني الكبير، وأبو نصر أحمد بن محمد بن محمد المعروف، وعبد الرحمن بن محمد السرخسي.ومن أهم مؤلفاته: مختصر القدوري، وكتاب التجريد.توفي الإمام القدوري ببغداد في يوم الأحد الخامس من شهر رجب سنة 428هـ، وله ست وستون سنة، ودفن من يومه في داره بدرب أبي خلف، ثم نُقل إلى تربة في شارع المنصور ودُفن هناك بجانب أبي بكر الخوارزمي الفقيه الحنفي.