الزركشي

والملقب بـ

هو الإمام محمد بن عبد الله بن بهادر بن عبد الله الزركشي، يُكنى بأبي عبد الله بدر الدين، ولد الإمام بدر الدين الزركشي في مصر في عام 745هـ، وفيها تعلم وأخذ عن عدد من مشايخها، أبرزهم: جمال الدين الأسنوي، وسراج الدين البلقيني، وقد ارتحل الزركشي إلى حلب وفيها تتلمذ على يد الشيخ شهاب الدين الأذرعي، كما سافر إلى دمشق سعيًا وراء العلم، وقد كان الإمام الزركشي فقيهًا من فقهاء الإسلام، أصوليا أديبا تقيا ورعا، اشتغل بالفقه وبأصول الدين وبعلوم الحديث والقرآن الكريم، وألَّف في هذه العلوم أكثر من ثلاثين مؤلفًا في مجالات شتى. قد نشأ الزركشي في أسرة غير مشهورة في المحيط الاجتماعي الخاص بها، فقد كانت أسرته بسيطة ووالده كان مملوكًا لأحد الأسياد، وهذه الحياة البسيطة التي نشأ فيها الزركشي كان لها أثرٌ بالغ في نبوغه وظهوره، وقد عمل الزركشي مع والده الذي كان يعمل في صناعة الزركش (التطريز بالذهب)، وقد زاول الزركشي هذه المهنة سعيًا منه لتخفيف شيء من تعب الحياة وفقرها وضيقها الذي كان يعصف بعائلته، ولكن مشيئة الله تعالى دفعت الإمام الزركشي إلى العلم، فالتحق بأماكن اجتماع العلماء في مصر وترك صنعة والده، وشغل نفسه بطلب العلم ليصبح فيما بعد أحد أهم وأبرز علماء عصرهكانت حياة الإمام الزركشي حافلة بالعلم والمعرفة، وكانت مليئة بالسفر والترحال في سبيل تحصيل العلم وأخذه من خيرة أهله، حيث لم يبقَ الإمام أبو عبد الله بدر الدين الزركشي في مصر حيث ولد، بل خرج أولًا إلى حلب وفيها أخذ عن الشيخ شهاب الدين الأذرعي كما أخذ عن أشهر علماء حلب أيضًا، وسافر الإمام الزركشي إلى دمشق أيضًا وفي دمشق سمع وأخذ عن خيرة شيوخها وأبرز علمائها. وقد تتلمذ على يده الكثير، وعلى رأسهم: شمس الدين البرمادي، ونجم الدين بن حجي الدمشقي.وقد اهتم الزركشي بالتصنيف اهتمامًا كبيرًا، فألف مؤلفات كثيرة طيلة حياته، كما تنوعت واختلفت بين علوم الشريعة الإسلامية، فألف في علم الحديث وفي أصول الفقه الإسلامي وفي السيرة النبوية وعلوم القرآن والتفسير، على الرغم من أن الإمام الزركشي لم يبلغ الخمسين عامًا في حياته إلا أنه ترك مجموعة من المؤلفات القيمة التي زادت عن ستين مؤلفًا، تناول فيها مختلف علوم الإسلام وعلوم اللغة العربية أيضًا، فكتب في النحو والسيرة والتفسير والحديث والفقه والتوحيد وغيرها، ومنها: البرهان في علوم القرآن، سلاسل الذهب في أصول الفقه، إعلام الساجد بأحكام المساجد، الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة، التذكرة في الأحاديث المشتهرة، رسالة في معني كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، القواعد في فروع الشافعية، التنقيح بشرح الجامع الصحيح في شرح صحيح البخاري (وهو عبارة عن تعليقات وفوائد منثورة مرتبة حسب ترتيب الأحاديث في الصحيح)، تخريج أحاديث الشرح الكبير للرافعي "الذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز"، الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر، المنثور في القواعد فقه شافعي.وبعد سنوات قضاها في طلب العلم وفي التصنيف والتأليف، توفي الإمام الزركشي في يوم الأحد الموافق للثالث من شهر رجب من عام 794هـ، وكان قد بلغ من العمر تسعة وأربعين عامًا، وكانت وفاته في مصر في القاهرة. رحمه الله رحمة واسعة.

كتب المصنف في الموقع