جمع المصنف في هذا الكتاب ما كتبه من أبحاث في علم التجويد لاستجاشة همم العلماء والدارسين للاعتناء بالموضوعات التي تناولتها هذه الأبحاث. وموضوعات هذا الكتاب متميزة مختلفة عن سواه من الكتب في هذا الفن؛ فهو لم يتناول موضوعات علم التجويد المعروفة كالمخارج والصفات وأحكام النون الساكنة والميم وغيرها على النحو المعتاد، ولكنه ركز على قضايا نشأة علم التجويد، ومناهج كتب تعليم قواعد التلاوة. أي أن تناوله لموضوعات علم التجويد جاء من منظور أوسع وأعم مما جاء في غيره. وقد دفع المصنف لكتابة هذه الأبحاث ما لاحظه من أخطاء لدى قطاع عريض من المرتلين من جيل الشباب على وجه الخصوص لا سيما في نطق عدد من الأصوات مقارنة بطريقة وصفها في كتب التلاوة. فكان المصنف يأمل أن تلتقي كلمة القائمين على أمر تعليم التلاوة على رأي موحد في تلك القضايا حتى تتوحد صور الأداء فيها، وتعاد صياغة ما كتب عنها في كتب التلاوة. ويضم هذا الكتاب ستة أبحاث: البحث الأول عن نشأة علم التجويد حيث تناول الدراسات الصوتية العربية قبل أبي مزاحم الخاقاني حيث اعتمدت على كتب في النحو واللغة كما في العين للخليل والكتاب لسيبويه والمقتضب للمبرد دون إفراد علم التجويد بمؤلف مستقل، ثم قصيدة الخاقاني في التجويد ٣٢٥ هـ وهي ٥١ بيتا في بحر الطويل استحسنها أهل القرآن في زمانه وأخذوا بها وشرحوها وذلك لإتقان صنعتها وحسن بهجتها وتهذيب ألفاظها وظهور معانيها وسلامتها من العيوب ووفور حظها من الجودة، ومن ثم تأثيره في اللاحقين وأول المؤلفات في هذا العلم والتي أعقبت قصيدة الخاقاني بنحو قرن من الزمان. وجاءت أسئلة البحث مثيرة للانتباه فقد تساءل المصنف: لماذا تأخر تدوين هذا العلم إلى عصر الخاقاني؟ وما هي علاقة علم التجويد بالدراسات الصوتية عند علماء العربية المتقدمين. البحث الثاني عن مناهج كتب تعليم قواعد التلاوة وتطرق فيه إلى مخارج الحروف وصفاتها وأهميتها في علم التجويد وكونها سابقة على الأحكام الصوتية الناشئة عن التركيب مثل الإدغام والإخفاء والترقيق والتفخيم والإمالة والمدود ونحوها. البحث الثالث عن الحقيقة الصوتية لإخفاء النون ومقارنة طريقة أدائها في التراث الصوتي العربي ولدى القراء المعاصرين. البحث الرابع عن إخفاء الميم في النطق العربي. والبحث الخامس عن قضية الضاد في العربية بين التراث القديم والعصر الحديث. والبحث السادس والأخير عن الانحرافات النطقية في التراث الصوتي العربي وظاهرة اللحن الخفي.