أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة نوقشت في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وقد أجيزت مع مرتبة الشرف الأولى. وكما يظهر من عنوان الكتاب فإن المصنف قصد إلى جمع الأحكام الشرعية فيما استجد من تعاملات سواء في الأسواق المحلية أو الدولية، ولا شك في كون هذا الموضوع لا يكاد يستغنى عنه مسلم؛ فإن أمثال هذه التعاملات أصبحت حاكمة على كثير التعاقدات سواء منها الفردية أو المؤسسية في الشركات والحكومات والدول. ومع شح المصنفات التي تتناول هذا الموضوع أو جزئيتها، تزداد أهمية تأليف مصنف جامع لكل أو أغلب هذه التعاملات بما يجعل المسلم على بينة من أمر دينه إذا ما تعامل فيها. وقد اشتمل الكتاب على مقدمة وبابا تمهيديا وثلاثة أبواب وخاتمة؛ تناول في المقدمة الدوافع للتصنيف في هذا الموضوع ومنهج البحث وخطته بشكل مجمل. وفي الباب التمهيدي تناول في فصلين منه الأسواق المالية تعريفها وأنواعها، وقسم أنواعها من حيث الأدوات المتداولة إلى رأس مال أو نقد ومن حيث الإصدار والتداول إلى أولية وثانوية ومن حيث مكان التداول إلى سوق البورصة وآخر خارجها. وفي الفصل الثالث والأخير من هذا الباب تناول مراقبة الدولة للأسواق المالية من حيث الواقع والشرع. وفي الباب الأول تناول أحكام الأدوات المتداولة في الأسواق المالية وهما رأس المال والنقد وعقد لكل أداة فصلا، ففي الأول: تناول أحكام الأدوات في سوق رأس المال وهي الأسهم والسندات، وفي الثاني تناول أحكامها في سوق النقد وهي أذونات الخزانة والأوراق التجارية (كالكمبيالات والسند الإذني) وخصم الأوراق التجارية وشهادات الإيداع والقبول المصرفي (خطاب الضمان). وفي الباب الثاني تحدث عن إجراءات التعامل في الأسواق المالية في خمس فصول؛ وابتدأه بفصل في توضيح أعضاء السوق من سماسرة وتجار ومتخصصين والأحكام المتعلقة بهم ثم في الفصل الثاني تناول أحكام أوامر البيع والشراء وأنواعها وبعد ذلك في الفصل الثالث شرع في بيان أحكام تسعير الأوراق المالية ثم في الرابع تناول البورصة وطرق تداول الأوراق المالية داخلها وخارجها، أما الفصل الخامس والأخير فقد تناول أحكام التسوية والمقاصة ونقل الملكية. وفي الباب الثالث استفاض في الحديث عن عقود المعاملات في الأسواق المالية وهي خمسة؛ عقود المعاملات العاجلة والآجلة، والعقود المستقبلية وعقود الاختيار وعقود المبادلات. وفي الخاتمة لخص أهم النتائج والتوصيات. وقد تميز الكاتب بإفراد مبحث أو مطلب في صدارة أي موضوع يتناوله ليتم تصوره تصورا صحيحا في واقع الناس مستعينا في ذلك بالمراجع والمصادر المتخصصة قانونيا واقتصاديا، بل وقد يذكر المصطلح باللغة الإنجليزية منعا للالتباس بغيرها من التعاملات، ثم يشرع في إسقاط هذه التصورات على ما يقابلها من توصيف شرعي بغية استخراج الحكم الشرعي الأقرب لها؛ على أنه يذكر الأقوال في المسألة من الناحية الشرعية - إن كانت خلافية - ويرجح بالدليل. كما أنه يستعين بإيراد ما ذكره المعاصرون أو المجامع الفقهية في تكييف المسألة إن احتيج إلى ذلك ويناقش كل رأي على حدة ثم يرجح بعد استعراض كل الأقوال مبينا وجه الصواب وسبب الترجيح، ولعل هذا من الأمور الهامة لمبتغي التخصص في هذا المجال حيث يعينه على تكوين الملكة الفقهية اللازمة للقياس على ما سواها من التعاملات المستجدة والنوازل المستحدثة. وكثيرا ما يضرب الأمثلة الرقمية ويستخدم الجداول أحيانا للتوضيح والبيان. وللكاتب اهتمام وعناية بعزو النقولات والآثار في الهامش وكانت له نقاشات وإيضاحات في الهامش مما لا يحسن إيراده في المتن، وكذا يورد تخريج الأحاديث مقتصرا على الصحيحين إن كان الحديث فيهما أو يخرجه من الكتب الأخرى المعتبرة مع نقل الحكم عليه عن أحد المحدثين المعروفين. ويكتاز الكتاب بحسن التقسيم والترتيب وتسلسل الموضوعات بحيث ينبني الموضوع على ما سبقه مع وضوح شجرة الموضوعات أثناء استعراض مباحثه وأبوابه. وقد ألحق بالكتاب فهارس للآيات والأحاديث والأعلام والمصطلحات الفقهية والاقتصادية. والكتاب يعد إضافة حقيقية للمكتبة الإسلامية، ويمكن أن يرجع إليه كل مسلم على مختلف أغراضهم من تعلم أو تعليم أو غير ذلك.