يتناول هذا الكتاب موضوع النسخ في القرآن. وذلك لأهميته التي تظهر فيما يترتب عليه من إثبات الأحكام وردها وما يسببه ذلك من اختلاف بين الناظرين في آيات الأحكام؛ فلربما يفهم إنسان آية معينة ويتخذ منها قاعدة للحكم ثم يفاجأ بأنها قد نُسخت بآية أخرى! مما جعل معرفة هذا الموضوع شرطا من شروط أهلية المفسر. وقد دعا الكاتب إلى التصنيف في هذا الموضوع بجانب تقديره لأهميته رغبته في تبين الراجح والمرجوح فيه لتوصيل الموضوع صحيحا إلى طلاب العلم. وفي منهجه البحثي قام الكاتب بعرض الآيات التي ظهر له أنها منسوخة ثم دلل عليها. وقد اعتمد في كثير من الأحيان على حجج عقلية، وجمع في ذلك ما يمكنه سواء ما استدل به الأقدمون أم لم يستدلوا، لكنها تقع تحت قواعد الاستدلال السليم ومطابقة لمنهجهم. ولم يذكر الكاتب الآيات التي ادُّعي نسخها ولم تكن منسوخة وذلك لكثرتها؛ فعند إثباته الآيات المنسوخة يُعلم أن غيرها محكم وليس بمنسوخ. وعلى كثرة المصنفات في الناسخ والمنسوخ إلا أن الكاتب وجد أن أحسن كتب المتأخرين في رأيه هو كتاب النسخ في القرآن الكريم لمصطفى أبي زيد، وأن أحسن كتب المتقدمين في رأيه هو كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن لأبي عبيد القاسم بن سلام. وقد ذكر المصنف في بحثه تعريف النسخ، والفرق بينه وبين التخصيص والتقييد، كما بيَّن أن الأمة في هذا الموضوع طرفان وواسطة؛ فالواسطة هم المثبتون للنسخ، والطرفان هما المسرفون في ادعاء النسخ والنافون للنسخ بالكلية. كما ناقش شروط النسخ، وزمن وقوعه، والطرق الصحيحة وغير الصحيحة لمعرفته، وأقسام النسخ في القرآن، والشبهات حوله، ثم الآيات التي قيل بنسخها والراجح منها. وخرج بأنه لم يقع إجماع على نسخ آية من القرآن الكريم إلا آية النجوى في القرآن الكريم أما ما سواها فقد وقع فيه الخلاف ورجح وقوع النسخ فيها. وقد أكثر المصنف من النقل عمن سبقوه بالكتابة في هذا الموضوع، وكذلك أضاف بصمته بآرائه التي غلب عليها الجانب العقلي كما صرح بذلك في مقدمته.