تعد هذه الدراسة منهجا دقيقا في دراسة النصوص الأدبية وتحليلها والبحث عن مكامن القوة والتأثير فيها. وقد تركزت على بلاغة الزمخشري في تفسيره الكشاف كونه عمدة كتب التفسير في البلاغة رغم كون الزمخشري معتزليا جزلا. وقد جاءت الدراسة على نحو مستوعب شامل قائم على منهج الاستقراء لكل مسألة من مسائل البلاغة دون أن تترك شيئا يتصل بالبحث البلاغي في الكشاف إلا أشارت إليه ووضعته في مكانه. ولما كانت بلاغة الزمخشري مفرقة في تفسيره لا تظهر ملامحها واضحة محددة في كل المسائل البلاغية، فإن المصنف استخرج كل ما يتصل بمسائل البلاغة، وجمع النظير مع نظيره، ولم يقف جهده على الجمع والتصنيف وإنما ناقش ونقد؛ فكان هذا البحث خلاصة جهد دائم دائب طوال خمس سنوات ليتخير المؤلف المكان المناسب لكل مسألة ويصل بينها وبين صاحبتها. وقد انتظمت الدراسة في بابين، أولهما عن البحث البلاغي في الكشاف، حيث انتظمت في سبعة فصول؛ الأول عن البحث البلاغي قبل الكشاف والذي استفاد من عبد القاهر الجرجاني في كتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" وطبق نظرية النظم، ولكنه أضاف الكثير عليها من فكره ومن ذوقه ومن بلاغته، فدرس هذا الفصل مسائل التقديم والاستفهام والأمر والحذف والتكرار والاعتراض والالتفات والتشبيه والمجاز والكناية من خلال الكشاف. ثم ناقش المؤلف في الفصل الثاني النظم في الكشاف مع تحديد المراد بعلم المعاني وعلم البيان وعلاقة علم النظم بعلم الإعراب. وجاء الفصل الثالث في النظر في المفردات من باب ملاءمة الكلمة لسياقها من حيث مادتها وهيئتها مع مناقشة المعاني البلاغية لصيغ الأفعال وأبنية المشتقات وحروف الجر والتعريف والتنكير. أما الفصل الرابع فكان في البحث في نظم الجملة من حيث الاستفهام والأمر والنهي والنداء والقسم والتعجب والنفي والقصر والعطف والبدل والوصف والحذف والذكر والتوكيد. وجاء البحث في الفصل الخامس في الجمل من حيث الفصل والوصل والالتفات والتكرار والاعتراض والاختصار. وركز الفصل السادس على صور البيان من تشبيه وتصوير وتمثيل وتشكيل واستعارة وكناية. واختتم الباب الأول بفصله السابع عن البديع من مشاكلة ولطف واستطراد وتفصيل وتورية ومقابلة وطباق وازدواج وطباق. ثم جاء الباب الثاني عن أثر الكشاف في الدراسات البلاغية فتناول أثره في مدرسة المفتاح وفي المثل السائر وفي كتاب الطراز. ويلاحظ القارئ عمق المادة التي يعرضها المصنف وكثرة الأمثلة التي يستشهد بها لولا أنه شديد العناية بالدرس البلاغي وتفرده عند الزمخشري دون إلقاء الضوء على نزعاته البدعية التي حذر منها علماء السنة.