هذا الكتاب هو أكبر مصنفات محمد مصطفى الشيخ، صاحب الكتب المنهجية الموجهة للعاملين على سبيل التعليم والدعوة والتربية، كما يشير كثيرا في مؤلفاته، ويعنى ببيان أصول التوحيد والإيمان وتقرير ما يتعلق بهما من المسائل بالدلائل.ويقع الكتاب في جزأين مترابطين: الأول موضوعه "حقيقة التوحيد والإيمان" وهو مشتمل على قواعد وأصول في هذا الباب، مبينا إياها من منظور عقدي، كي يكون عونا للدراس على فهم حقيقة التوحيد والإيمان وما يضادهما، معتنيا بتبيان الأمور التي يصح أن يقال عنها إنها أصل الدين. والثاني موضوعه "الحكم بالإسلام والكفر: قواعد وأصول، وهو مبني على الأول، فموضوعه الثمرة الدنيوية للتوحيد والإيمان (أحكام الظاهر)، فاشتمل بذلك على قواعد وأصول في أحكام الإسلام والإيمان وناقضهما، وهي مباحث جديرة بأن تكون الصلة بين مباحث الاعتقاد والأصول من جهة وبين مباحث الفروع من جهة أخرى. والباعث على تصنيفه ما لمسه المصنف من مسيس الحاجة للدعاة والمربين لفهم حقيقة التوحيد والإيمان وما يضادهما، ومسائل الحكم بالإسلام والكفر التي تشتد حاجة طالب العلم إليها عقب دراسته لأصول العقيدة الإسلامية؛ فتجتمع أطراف هذه الأبواب على نحو مختصر، لتكون مرجعا لهم وعونا على التعليم والدعوة والتربية، لكثرة ما يعرض للداعي والمعلم والمربي من أسئلة وأقضية في الأحكام، وكثرة ما ينجم عن الجهل بها أو الاشتباه فيها من وقوع التنازع والاختلاف. ويقع كل جزء في تمهيد وأربعة أبواب وخاتمة. فالجزء الأول يتضمن تمهيدا حول حاجة كل أحد إلى محبوبٍ نافعٍ ودَفعِ مكروهٍ ضار، وأنّ ذلك لا يتم على التحقيق إلا بالتوحيد. وأنّ عِلم الخلْق بربوبيته تعالى مِن ملكٍ ورزقٍ وتدبير أسبقُ من إقرارهم بألوهيته ودخولِهم في طَوْقِ عبوديته. والباب الأول يتناول بيان معنى توحيد الإلهية وأنه مدلول كلمة التوحيد. وفي الباب الثاني تفصيل القول في معنى العبادة. والباب الثالث يردُّ بعض شبهاتِ المرجئة حول مدلول كلمة التوحيد بعد أن تَجَلّى معناها وبُيّنَ مقتضاها. أما الباب الرابع فبمثابة تلخيص لما سبق بيانه من حقيقة التوحيد والإسلام والإيمان، مع العناية بتلخيص مذهب أهل السنة في الإيمان، وفي ضمنه بحث تنوع دلالات الألفاظ، وبيان دلالات ألفاظ التوحيد والإسلام والإيمان وغيرها في أحوال السياق المختلفة، والكلام على حقيقة الإيمان المركبة ودخول العمل فيه و مراتب الدين الثلاث (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، ثم الكلام على أصل الإيمان، وختام ذلك ببيان ما ينقض الإيمان على الحقيقة وهو الكفر، مع ذكر أمثلة وتطبيقات واحترازات. والجزء الثاني ابتدأ بتمهيد حول مكانة التوحيد وفضله، ثم عُني الباب الأول ببيان ضوابط أصولية معِينةٍ على ضبط الأحكام والتمييز بينها ومن أهمها مسألة المقاصد وعلاقتها بصحة أفعال المكلفين في الدارين، وفي الباب الثاني الكلام على المنافقين وما يتعلق بهم، مما يُعَدُّ عمدةً في بيان الفرق بين أحكام الدنيا والآخرة، ثم تناول الباب الثالث طرق ثبوت الحكم بالإسلام، والباب الرابع تناول طرق ثبوت الكفر في الدنيا، وضوابط ذلك، مع شيء من التفصيل في عوارض الأهلية وموانع التكفير. وقد جاءت خاتمة البحث بجزأيه تعرض آيات تحكي لنا ملامحَ من سيرة إبراهيم الخليل مع قومه في دعائه إلى التوحيد وجهاده في سبيل إعلاء كلمته.وقد انتهج المؤلف منهجا وسطا اجتهد فيه في تحرير منهج أهل السنة، وفي الكتاب خلاصات قيمة لأقوال ابن تيمية وابن القيم والشاطبي وابن كثير وابن حجر في أبواب التوحيد والإيمان والأحكام، وفي جزأي الكتاب مقابلة بين الحقائق والأحكام وتمييز بينهما وتحذير من الخلط فيهما، وفيه رد على أهل البدع من المرجئة والخوارج وأتباعهما المعاصرين، وفيه توضيح للمسائل المشكلة في الأحكام وضرب للأمثلة الواقعية وبيان بالأشكال التوضيحية المميزة للكتاب، مع حسن التنسيق والصف والتقسيم، وطريقة مبتكرة في العزو سواء عزو النقول للمراجع العلمية أو عزو الأحاديث الموسوعات الحديثية. وفي الكتاب أيضا عناية بالرجوع لكتب المتقدمين مع الإقلال عن المعاصرين.وقد نشرت بعض مباحث الكتاب مسبقا على صفحة المؤلف في شبكة الألوكة.وقد يستدرك على الكتاب الإسهاب أحيانا في بعض المواضع التي قد تثقل على القارئ غير المتخصص.