الفصل في الملل والأهواء والنحل
ابن حزم
الفصل في الملل والأهواء والنحل
نبذة عن الكتاب

يُعنى هذا الكتاب بدراسة الأديان والفرق والمقارنة بينها؛ فهو كتاب في دراسة عقائد أصحاب الملل غير الإسلامية كعُبَّاد الشمس والكواكب والنصرانية وحكماء الهند وعبدة الأصنام وغيرها كثير، وآراء الفرق الإسلامية ومذاهبها كالمعتزلة والجهمية والقدرية والشيعة وغيرها من الفرق الإسلامية. كما قدم فيه ابن حزم أطول دراسة نقدية لنصوص الكتاب المقدس، مرفقةً بسجل حافل لما كان يدور في أروقة الجدال الديني في عصره. وقد مكث ابن حزم في تأليفه مدة تصل إلى عشرين عاما، وما زال يُنقِّح فيه ويزيد حتى وفاته. وقد قيل إنه مجموعة كتب جُمعت في كتاب نظرا لأنه ضمنه كتاب النصائح المنجية وهو كتاب مستقل يقع بكامله ضمن الفصل، والصحيح أنه كتاب واحد رغم اشتماله على بعض الكتب القديمة له. ويتسم أسلوب الكتاب بجرأة تامة في النقد وحصافة في الفكر ومناقشة أفكار الفرق ونقضها استنادا إلى ما اعتُمد عند كل منها ثم الرجوع بعد ذلك إلى محكم القرآن وما صح من السنة، مع إعمال للبدهيات من العقليات؛ فهو لا يُبقي لهذه الفرق شبهة إلا وضحها، ولا شغبا إلا أسكته بإفحام تام، وهذا سر كثرة خصومه. افتتح ابن حزم كتابه بمقدمة بيّن فيها غرضه ومنهجه في عرض مادة كتابه، فقال: "فإنّ كثيرا من الناس كتبوا في افتراق الناس في دياناتهم ومقالاتهم كتبا كثيرة جدا، فبعضٌ أطال وأسهب، وأكثر وهجَّر، واستعمل الأغاليط والشغب، فكان ذلك شاغلا عن الفهم، قاطعا دون العلم، وبعضٌ أحذف وقصّر، وقلَّل واختصر.. وكلهم -إلا تحلة القسم- عقَّد كلامه تعقيدا يتعذر فهمه على كثير من أهل الفهم، وحلَّق على المعَانِي من بعد حتى صار يُنس آخر كلامه أوله. جعل كتابه في خمسة أجزاء: الجزء الأوّل في عرض ستة فِرق وفِرَقِها والمشهور منها، وافتراق هذه الفرق بين مبطلي الحقائق والقائلين بإثباتها مع اختلافهم في: العالَم، وخالِقه، ومدبِّره وهل هو واحد أم أكثر، وفي النبوات. والثاني في الحديث عن الأناجيل الأربعة، ورسائل النصارى، وبيان بطلانها وتناقضها مع التمثيل لذلك، كما تطرق إلى رد الشبهات المثارة حول القرآن؛ من وجود المتشابه، واختلاف القراءات، مستعينا بما ورد في القرآن للاستدلال على بعض المسائل العلمية الفلكية، كما تناول مجموعة من الفِرق الإسلامية فناقش أفكارها واعتقاداتها، وختم بالحديث عن مجموعة من الصفات، وآراء الفِرق فيها، وعرَض الرأي الصائب منها باعتماد الأدلة النقلية والعقلية. والثالث في مناقشة مجموعة من المسائل العقدية، وآراء الفِرق فيها، وبيان الفاسد من الصحيح فيها والتدليل على ذلك. والرابع في الذب عن أنبياء الله ورسله، وبيان حقيقة الملائكة، وتطرق للشفاعة والميزان، وغيرها من القضايا التي شغلت الساحة الكلامية. وختم في الجزء الخامس بالحديث عن الإمامة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشنائع المعتزلة والخوارج والمرجئة والشيعة وطوائفها. ويؤخذ على الكتاب صعوبة تحديد الزمن الذي كُتب فيه فقد قيل إنه أعاد كتابته بعدما أحرقت كتبه بأمر المعتضد ابن عباد. وضمنه ثلاث رسائل له هي: (كتاب تبديل اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل) و(النصائح المنجية من الفضائح المخزية) و(الإمامة والمفاضلة) ما جعل الترتيب المنطقي يكاد ينعدم في الكتاب، حتى قال السبكي: "وكتاب الشهرستاني هو عندي خير كتاب صنف في هذا الباب، ومصنف ابن حزم وإن كان أبسط منه إلا أنه مبدد ليس له نظام".