يصنف هذا الكتاب ضمن فروع الفقه على المذهب الشافعي. وهو في حقيقته شرح لمتن منظومة البهجة الوردية للعلامة عمر بن الوردي (٧٤٩ه)، وهو الذي نظم فيه مؤلفه كتاب "الحاوي الصغير" في فقه الشافعية وسماه "بهجة الحاوي". وعما دعاه لكتابة شرحه يقول الشارح في مقدمته: "طلب مني بعض الأعزة عليَّ من الفضلاء المترددين إليَّ أن أضع عليها -أي منظومة البهجة- شرحا يحل ألفاظها ويبرز دقائقها ويحقق مسائلها ويحرر دلائلها، فأجبته إلى ذلك بعون القادر المالك، ضامّا إليه من الفوائد المستجدات والقواعد المحررات ما تقر به أعين أولي الرغبات". ويتكون "الغرر البهية" في نسخته الأصلية من تركيبات خمسة: أولها: منظومة البهجة لابن الوردي، وثانيها: شرح "الغرر" لهذه المنظومة لزكريا الأنصاري، وثالثها: حاشية للشيخ عبد الرحمن الشربيني (ت١٣٢٦ه) وهي تعليقات لغوية وفقهية على المتن، ورابعها: حاشية للإمام ابن قاسم العبادي (ت٩٢٢ه) وفيها أيضا تعليقات وإشارات مهمة على المتن، وخامسها: تقرير للشيخ عبد الرحمن الشربيني على حاشية ابن قاسم العبادي. وقد تم ترتيب هذه الكتب في صفحات الكتاب مفصولة بخطوط فاصلة على هذا الترتيب المذكور. فالكتاب قد تضافر في إعداده مجموعة من المفسرين وحفاظ الحديث، مما أثرى شرحه وأعلى مكانته. وتبدو أهمية الكتاب أنه من أهم وأجمع الشروح لمتن البهجة. وهو كتاب مهم عند فقهاء الشافعية مناسب لسائر الطبقات. ويهدف الأنصاري من شرحه إلى بسط معالم مذهب الإمام الشافعي من خلال الاستدلال النقلي أكثر من إقحام الشرح بالرأي فقط. ويتميز أسلوب الكتاب بعذوبة العبارة، ووضوح الإشارة. رتبه مؤلفه على حسب أبواب الفقه، ويبين فيه الراجح عند علماء المذهب، ويأتي بالدليل في كثير من المسائل مع ذكر درجة الحديث المستشهد به، ولا يتعرض لذكر المذاهب الأخرى بل يقتصر على الحكم داخل المذهب. ويقوم الشارح بذكر أبواب المنظومة حيثما يدعوه ذلك؛ فقد يذكر بيتا أو مجموعة من الأبيات أو شطرا من البيت أو جزءا أقل من الشطر، ويقوم بشرحه مستدلا عليه بالآيات والأحاديث، ويدعمه بآراء الأئمة الأعلام من فقهاء الشافعية. والشارح بذلك يسلك منهجا وصفيا استدلاليا يشرح به المتن شرحا وافيا نال به هذه المكانة العالية. والكتاب يحتوي على الأبواب الفقهية مرتبة في هذه الطبعة على النحو التالي: الجزء الأول: الطهارة والوضوء والتيمم والحيض، الجزء الثاني: الصلاة، الجزء الثالث: الجمعة وصلاة الخوف وصلاة العيد وصلاة الخسوف وصلاة الاستسقاء، الجزء الرابع: الاعتكاف والحج والعمرة والبيع والربا، الجزء الخامس: السَّلم والرهن والتفليس والحَجر والصلح والحوالة والضمان والشركة والوكالة والإقرار، الجزء السادس: العارية والغصب والشُّفعة والقراض والمساقاة والإجارة والجَعالة وإحياء الموات والوقف والهبة واللقطة واللقيط والفرائض، الجزء السابع: الوصايا والوديعة وحكم الفيء والغنيمة وقسم الصدقات والنكاح، الجزء الثامن: الصداق والقسَم والخلع والطلاق والإيلاء والظهار والقذف واللعان والعدد والرضاع والنفقات والحضانة، الجزء التاسع: الجراح والبغاة والردة والزنا والسرقة وقطع الطريق والشعر والصيال والسير والذكاة، الجزء العاشر: الأضحية وبيان حل الأطعمة والمسابقة والأيمان والنذور والقضاء والقسمة والعتق، أما الجزء الحادي عشر ففي تخريج أحاديث الغرر البهية.