يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة أركان الإيمان، وهي السلسلة التي تناولها المصنف الدكتور علي الصلابي المفكر الإسلامي والمؤرخ المعروف بكثرة تصانيفه وموسوعيتها؛ مساهمة منه في النهضة الحضارية لهذه الأمة، النهضة المرتكزة على الثوابت العقدية الراسخة، والتي بات الجيل المعاصر في أمس الحاجة إلى معرفتها في ضوء الكتاب والسنة، ومن خلال واقعه وما جد فيه من نوازل. ولقد ذكر المصنف أن أحد العلماء هو من أشار عليه بالاهتمام بقضايا التوحيد والإيمان؛ حيث حاجة الأمة إليها أسبق من حاجتها إلى قضايا تخصصية في التاريخ.وهذا الكتاب هو الكتاب الرابع من هذه السلسلة المباركة، تناول فيه المصنف الركن الرابع من أركان الإيمان الستة، حسبما ورد في حديث جبريل. وقد قسم المصنف الكتاب إلى مقدمة وستة فصول وخاتمة:ذكر في المقدمة الباعث له على تأليف هذه السلسة المباركة ودورها المحوري في النهضة الحضارية المرتقبة للأمة الإسلامية، مستشهدا بما تجلى له من خلال استعراضه تاريخ الأمم والحضارات عبر العصور. وذكر إجمالا موضوعات الكتاب وفصوله.وفي الفصل الأول، ذكر مفهوم النبوة والرسالة والفرق بينهما. أما الفصل الثاني فقد تكلم فيه عن وجوب الإيمان بجميع الرسل وأنه ركن لا يصح الإيمان إلا به، وذكر نماذج من دعوتهم وجهادهم، وكيف اتحدت دعوتهم أقوامَهم إلى التوحيد وإلى الإيمان باليوم الآخر مع اختلاف الشرائع فيما بينهم، وبيّن أن حاجة البشر إليهم فوق حاجتهم إلى الطعام والشراب، وفصّل في وظائف الرسل والحكمة من إرسالهم لأقوامهم مستنبطا ذلك من نصوص الكتاب والسنة، وتطرق لأهم الصفات التي اجتمع عليها جميع الأنبياء والمرسلين، ثم تطرق للشبهات المثارة حول عصمتهم وفندها ورد عليها، وأخيرا من اختلف في نبوته ممكن ذُكِر في القرآن والسنة.وفي الفصل الثالث تناول أهم سمات دعوة الأنبياء وكنهها، ثم ما اختص الله به أنبياؤه عليهم السلام من صفات ليست لغيرهم من البشر.أما الفصل الرابع ففصّل فيه جوانب الاقتداء بالأنبياء عليهم السلام في العلم والعمل والأخلاق والجهاد والدعوة، وختم هذا الفصل بما ورد في تفاضل الأنبياء عليهم السلام، وتوجيه ما ورد من النهي عنه.وفي الفصل الخامس تحدث عن معنى الوحي وأنواعه، ثم الطرق المختلفة لإثبات النبوة؛ النقلية منها والعقلية، وفصّل في المعجزة الكبرى الخاتمة وهي القرآن الكريم، وختم هذا الفصل بالتفرقة بين المعجزة والكرامة وبين الكرامة والسحر، بما لا يدع مجالا للالتباس بينهم.وفي الفصل السادس والأخير تناول أهم خصائص الرسالة الخاتمة وما امتازت به عن غيرها من الشرائع، ثم تحدث عن واقع العالم الإسلامي المعاصر وما آل إليه من ضعف وهوان، وكيف يمكن للأمة النهوض والخلاص ومن ثم تبوء مقام الريادة كما كانت، ثم اختتم هذا الفصل بحقوق النبي ﷺ على أمته.ويتميز الكتاب بالإكثار من الأدلة والنصوص الشرعية الصحيحة، كما تتميز لغته بالسهولة والوضوح والمعاصرة.ويحرص المصنف على إيراد الأحاديث الصحيحة، بل وجل استشهاده إنما يكون بأحد الصحيحين أو كليهما، وإذا أورد بعض الأحاديث خارجهما فإما أن يذكر تصحيح العلماء له أو يذكر حكم الحديث مختصرا.ولعل هذه الطبعة ليست بنفس مستوى كتب السلسلة الأخرى من حيث الإخراج النهائي حيث بها بعض الأخطاء اليسيرة والتي يتضح أنها ناتجة عن تعجلٍ وضعفٍ في المراجعة؛ إلا إنها سارت على نفس نسق سائر كتب السلسلة؛ حيث تميز العناوين بلون مختلف، والعزو للمصادر وللأحاديث إنما يكون مختصرا دون إسهاب بذكر رقم الحديث أو الصفحة.والكتاب مناسب للمبتدئين، وهو إضافة قيمة للمكتبة الإسلامية، ويبدو فيه النهج الإحيائي والدور الذي يبتغيه المصنف من وراء هذه السلسلة.