يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة أركان الإيمان، وهي السلسلة التي تناولها المصنف الدكتور علي الصلابي المفكر الإسلامي والمؤرخ المعروف بكثرة تصانيفه وموسوعيتها؛ مساهمة منه في النهضة الحضارية لهذه الأمة، النهضة المرتكزة على الثوابت العقدية الراسخة، والتي بات الجيل المعاصر في أمس الحاجة إلى معرفتها في ضوء الكتاب والسنة، ومن خلال واقعه وما جد فيه من نوازل. وهذا الكتاب هو الكتاب الثالث من هذه السلسلة المباركة، تناول فيه المصنف الركن الثالث من أركان الإيمان الستة "الإيمان بالكتب". وجل الكتاب يتناول الحديث عن القرآن الكريم وذلك في الباب الأول منه. أما الباب الثاني فاختص بالكلام على الكتب السماوية الأخرى. وقد قسم المصنف كل باب من البابين الرئيسين إلى فصول.ففي الباب الأول تناول الفصل الأول منه التعريف بالقرآن في أربعة مباحث؛ معناه لغة واصطلاحا، عظمته كما وردت في الكتاب والسنة ، أسماءه كما وردت في القرآن الكريم وأسباب هذه التسميات الجليلة، وأخيرا صفاته كما وردت في القرآن الكريم والظلال الوارفة لهذه المعاني العظيمة. أما الفصل الثاني فتناول خصائص القرآن ومنها الحفظ الإلهي والإعجاز والتيسير للذكر والهيمنة على باقي الكتب وغيرها من الخصائص.وفي الفصل الثالث وهو أطول فصول الباب وأهمها حيث تناول مقاصد القرآن بصبغة إيمانية واقعية، حيث تطرق فيه لموضوعات واقعية كثيرة هامة، وبين كيف أنها من المقاصد الرئيسة لهذا الكتاب المعجز، وأن ميزانه هو الميزان القويم الذي لا يختلط بأهواء الذين لا يعلمون.وفي الفصل الرابع والأخير من هذا الباب تناول جمع القرآن الكريم وكتابته في المصاحف. وأما الباب الثاني فقد تناول فيه في خمسة فصول كل ما يجب على المسلم الإيمان به واعتقاده تجاه الكتب السماوية السابقة للقرآن؛ أهمية الإيمان بها، وجوبه، أسماء الكتب السماوية، التحريف الذي نالها وأنواعه، وأخيرا هيمنة القرآن عليها جميعا ونسخه إياها. ثم أجمل الباب في صفحة واحدة في صورة نقاط خمسة. ويتميز الكتاب بلغته المعاصرة الملامسة للواقع والتي لها دور كبير في إحياء الثوابت بما يتناسب مع واقع الناس المعاصر، حيث يذكر كثيرا من المصطلحات المعروفة في الأزمان المتأخرة، ويضبطها بالضابط الشرعي من خلال النصوص الشرعية الصحيحة كحقوق الإنسان وإنصاف المرأة وتحريرها وغيرها الكثير؛ على أنه لا ينبغي التماهي في هذا الأمر لا سيما مع المصطلحات التي شاعت في المجتمعات المعاصرة بمدلولات مخالفة للعقيدة من مثل حرية الاعتقاد وحرية التعبير، فالمصنف وإن كان وجه المعنى لمدلول صحيح شرعا؛ إلا إن الألفاظ الشرعية هي الأولى والأحرى، لا سيما مع احتمال الالتباس والفهم الخاطئ في أزمنة شيوع الجهل والهوى.ويحرص المصنف على إيراد الأحاديث الصحيحة، بل وجل استشهاده إنما يكون بأحد الصحيحين أو كليهما، وإذا أورد بعض الأحاديث خارجهما فإما أن يذكر تصحيح العلماء له أو يذكر حكم الحديث مختصرا.ويتميز الكتاب كذلك لا سيما هذه الطبعة الرسمية والمتوفرة على موقع الدكتور علي الصلابي بحسن الإخراج والتنسيق حيث تميز العناوين بلون مختلف، وكذا يكثر المصنف من التعداد الرقمي في سرد العناصر المختلفة في الباب أو الفصل أو حتى الفقرة، كما أنه يميز عزو الآيات بلون مختلف بعد الآية مباشرة ولا يذكرها في الهامش، حتى لا تطول الهوامش وتشوش على القارئ باختلاطها بعزو المراجع التي ينقل عنها، والعزو للمصادر وللأحاديث إنما يكون مختصرا دون إسهاب بذكر رقم الحديث أو الصفحة.والكتاب مناسب للمبتدئين، وهو إضافة قيمة للمكتبة الإسلامية لا سيما مع قلة من كتب في هذا الباب استقلالا كما هو الحال في سلسلة الأشقر في كتابه الرسل والرسالات.