كتاب جليل القدر عظيم النفع في الفقه الحنبلي. كان مصنفه يهدف إلى تجريد الصحيح من مذهب الإمام أحمد، فجاء جامعا لأصول المذهب وفروعه على قول واحد، وهو من أعظم ما صنفه الحجّاوي، وعرف به، فقيل: صاحب الإقناع، فهو عمدة في المذهب لأنه جمع الراجح من أقول المتقدمين والمتأخرين، فصار بحق ديوان المذهب. وقد حظي كتاب الإقناع بأهمية بالغة عند العلماء منذ كتبه مؤلفه إلى اليوم. وكان في وقت من الأوقات هو عمدة الحنابلة بدمشق، كما ذكر ذلك نجم الدين الغزي. وكان السفاريني يوصي تلاميذه بـ"الإقناع" و"المنتهى". وقال ابن بدران فيه: "مجلد ضخم، كثير الفوائد، جم المنافع". يقول الحجاوي عن أسلوبه في الكتاب: "اجتهدت في تحرير نقوله واختصارها لعدم تطويله، مجردا غالبا عن دليله وتعليله على قول واحد وهو ما رجحه أهل الترجيح منهم العلامة القاضي علاء الدين في كتبه الإنصاف وتصحيح الفروع والتنقيح، وربما ذكرت بعض الخلاف لقوته، وربما عزوت حُكما إلى قائله خروجا من تبعته". قسم الحجاوي الكتاب إلى كُتب، والكتب إلى أبواب، والأبواب إلى فصول. وقد رتب المصنف الموضوعات في كتابه على طريقة الحنابلة، فبدأ بكتاب الطهارة، وانتهى بكتاب الإقرار. كما قال بتهذيب الأقوال المنقولة عن أحمد بن حنبل. وللحجاوي بعض المصطلحات؛ منها: الإمام: يقصد به أحمد بن حنبل فهو إمام المذهب. الرواية: ويقصد بها هنا الحكم الشرعي، وهي اختصار للحكم المروي عن الإمام. الأظهر - الأصح - المنصوص: ويذكر تلك الكلمات بعد عرض بعض الآراء، فيختار الأصح منها أو الراجح. الأصحاب - أصحابنا: والمراد بهم أصحاب أحمد بن حنبل. الإيماء: أومأ إليه الإمام أحمد. وذلك في مسائل لم يقل الإمام حكمها صراحة، إنما أومأ له إيماء. الظاهر: المشهور في المذهب. القاضي: ويقصد به محمد بن الحسن بن الفراء أبو يعلى. المنقِّح: والمقصود به هنا علاء الدين علي بن سليمان المرداوي. ولُقب بذلك لأنه نقح كتاب المقنع في كتابه "التنقيح المشبع". الناظم: المقصود به هو محمد بن عبد القوي المرداوي، صاحب كتاب "عقد الفرائد وكنز الفوائد". أما عن محتوى الكتاب فيحتوي الجزء الأول على مسائل: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام والحج. والجزء الثاني يتناول مسائل: دخول مكة، الجهاد، البيع، الربا والصرف، الإجارة، الشفعة. والجزء الثالث يتناول مسائل: الوديعة، إحياء الموات، الجعالة، اللقطة، الوقف، الوصايا، الفرائض، العتق، النكاح، الصداق، الظهار، اللعان. والجزء الرابع يتناول مسائل: العدد، الرضاع، النفقات، الديات، الحدود، الأطعمة، الأيمان، القضاء والفتيا، الشهادات، الإقرار، الفهارس العامة. ولأجل أهمية الكتاب في الفقه الحنبلي عني به فقهاء الحنابلة عناية فائقة فشرحه بعضهم، وعلق بعضهم عليه بعض الحواشي بين مكثر ومقل. ومن أنفس شروحه شرح العلامة البهوتي المسمى "كشاف الإقناع" وكان بحق كشفا له إذ أوضح مسائله، وبيَّن غوامضه، وكشف أسراره، واستخرج مكنوناته. كما شرحه الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن مشرف التميمي (ت١٠٧٩ه). أما حواشيه؛ فمنها "الأضواء والشعاع على كتاب الإقناع" للشيخ عبد الله بن عمر ابن دهيش، و"التعليق الحاوي على إقناع الحجاوي" له أيضا. كما أن المؤلف قام بتأليف كتاب في شرح غريب لغة كتابه المذكور. وقام الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن سلطان بن خميس أبو بطين (ت١١٢١ه) باختصار الإقناع مع زيادات مفيدة، وقام بتحقيقه الأستاذ خالد بن عبد العزيز أبو بطين. ومن الكتب المتعلقة بالإقناع: "نظم الخصائص الواقعة في الإقناع وشرحها" للعلامة الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني (ت١١٨٨)، و"المسائل التي اختلف فيها الإقناع والمنتهى" جمعها ورتبها وحقق المذهب فيها الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الحجيلان.