الاستضعاف وأحكامه
زياد المشوخي
الاستضعاف وأحكامه
نبذة عن الكتاب

أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة تقدم بها الباحث لقسم الفقه بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، دفع المصنِّف لتخصيص هذا الموضوع بالبحث والدراسة ما طبق الأرض في واقع المسلمين المعاصر من استضعاف وخزي؛ إذ لا يكاد يخلو قطر من الأقطار إلا ويعاني أهله من المسلمين نوعا أو أكثر من أنواعه، وعلى ما له من هذه الأهمية إلا إنه لم يفرده مصنَّف من المصنفات بالتأليف والتفصيل بل غاية ما يتناوله المصنفون هو ما يتعلق بالفرد من مثل الإكراه والاضطرار وما شابه من مباحث عوارض الأهلية، وشأن الاستضعاف أشمل وأعم من ذلك، لا سيما فيما يتعلق بالأمة ومواقفها وسياساتها الداخلية والخارجية. هذا وقد تميزت الرسالة بالجمع بين التأصيل والمعاصرة، إضافة إلى العاطفة الصادقة الملاحظة في ثنايا الكتاب والتي تنم عن قلب يحترق ألما لواقع المسلمين المعاصر، مستبشرا في الوقت ذاته بنصر الله وتمكينه لدينه. كما أن تناول بعض النوازل المعاصرة بالتطبيق هو أمر يدل على الشمول في البحث، حيث اهتم بقياس تناول المسلمين لقضية فلسطين بالنقد والمراجعة بناء على ما سطره من أدلة وأحكام. هذا وقد تناول جميع المباحث المتعلقة بالموضوع، حيث ربطه أولا بالعقيدة والولاء والبراء، ثم فصَّل في أحكامه الفقهية بناء على هذا الأصل، حتى تنتظم شأن مسائله ويتبين خطر هذا الأمر وأن الشرع لم يتركه للآراء والأهواء، بل قدّر سبحانه في تاريخ الأمة ما يكفي لاستلهام الحق في أمور مشابهة تعرض للمسلمين اليوم كثيرا، ويحسب البعض أن ليس لها سلف في تاريخ أمتنا. وقد أماط المؤلف اللثام عن كثير من تراث أمتنا الزاخر مما يتعلق بهذا الموضوع الهام، مع حسن ترتيب الموضوعات وتقسيمها، مما جعل الكتاب فريدا في بابه. وقد قسم المؤلف الكتاب إلى مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة؛ أما المقدمة فقد تناول فيها أهمية البحث ومنهجيته والأسئلة التي يجيب عنها البحث. وفي الباب الأول والذي قسمه إلي فصلين، تناول في الأول منهما أهم التعريفات والتي تتقارب مع الاستضعاف من مثل الإكراه والاضطرار والاضطهاد، ثم عقد مقارنة بين كل هذه الألفاظ وبين الاستضعاف، كما عرّج على موارد الاستضعاف في الآيات والأحاديث وذكر أهم الدلالات والملابسات بعد أن استعرض كلام العلماء حول كل آية أو حديث. وفي الفصل الثاني من الباب الأول ذكر أنواع الاستضعاف ومظاهره، فقسم الاستضعاف إلى ثلاثة أنواع أولها بالنظر إلى درجته فقسمه إلى جزئي وكلي، وثانيها بالنظر إلى من يقع عليه فقسمه إلى استضعاف الفرد واستضعاف الجماعة والدولة، وأخيرا باعتبار الاعتذار به فقسمه إلى معتبر شرعا وغير معتبر، وهو في ذلك كله يستعرض أمثلة من السيرة وتاريخ الأمة القديم والمعاصر، ممهدا بذلك لاختلاف الأحكام والآثار المتعلقة بكل نوع. وقد أفرد مبحثا في هذا الفصل للكلام عن أهم مظاهر الاستضعاف التي بها يصدق على الفرد أو الجماعة اعتبار وصف الاستضعاف، وختم بمبحث عن المرحلة المكية من السيرة، وكيفية استفادة الأحكام منها حيثما يقتضيه واقع الحال. أما الباب الثاني فقد قسمه إلى ثلاثة فصول تناول الأول منها أسباب الاستضعاف وحصرها في أسباب داخلية من مثل الفرقة والاختلاف وأسباب خارجية كالاحتلال والاستعمار والحصار وما شابه ذلك، وفي الفصل الثاني تناول وسائل دفع الاستضعاف وجعل في مقدمتها الأخذ بأسباب القوة وأولها قوة العقيدة إذ هي الأصل لما يتبعها من القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية وغيرها، ثم أردف ذلك بالوحدة الإسلامية ومقتضياتها في الواقع من فتح الحدود وإلغاء الجمارك بين أراضي المسلمين وعدم شن الحروب بكافة أنواعها بين بلاد المسلمين تحت أي ظرف وتناول كذلك الجوار والمعاهدات والأحلاف ومشروعيتها كونها من وسائل دفع الاستضعاف. ثم تناول الجهاد كأحد أهم الوسائل وأورد الفرق بين الجهاد والقتال وأن الفترة المكية لم تكن خالية تماما من الجهاد والدفع وأوضح ملابسات ذلك، ثم أردف الجهاد بالهجرة سواء هجرة الأبدان فرار بالدين وتمهيدا للإعداد لإزالة الاستضعاف كلية أو هجرة القلوب بمباينة ما عليه أهل الكفر والفجور ونكران ما هم عليه. وختم هذا الباب بالفصل الثالث في الضوابط الشرعية التي ينبغي اعتبارها حال الاستضعاف حتى لا يرتكن المسلمين به إلى الدعة وترك العمل. وفي الباب الثالث والأخير ذكر أهم أحكام الاستضعاف في الفصل الأول وأغلبها نوازل تمر بها الأمة الإسلامية في واقعنا المعاصر، من مثل قضية التجنس والاستعانة بالكفار وتعطيل الحدود والاعتراف بالاحتلال ونزع الحجاب في تسعة مباحث، وفي الفصل التالي ذكر أربعا مجملة مما يرخص حال الاستضعاف. وفي الخاتمة ذكر أهم النتائج والتوصيات؛ لكي يبلور خلاصة البحث والمأمول ممن يصنف بعده في الموضوع ذاته. ولقد تميز الكاتب بسعة الاطلاع والتفصيل والتحليل كيفما يقتضيه المقام، كما أنه اهتم بترتيب العناصر وترقيمها، وجعل الهوامش ميدانا مناسبا لكثير من التعليقات الهامة وتخريج الأحاديث، وينقل تحقيق أهل العلم المعتبرين في هذا الشأن. والكتاب يعد مناسبا لطالب الفقه المتخصص في باب الفقه وكذا في العقيدة والمنهج.