الاعتصام
أبو إسحاق الشاطبي
الاعتصام
نبذة عن الكتاب

تأتي أهمية الكتاب من إحكامه المنهجي لموضوع البدعة والسنة؛ فقد التزم صاحبه من البداية إلى النهاية بالمعالجة المقاصدية الأصولية الرصينة للمسائل التي تناولها. ويمكن اعتبار كتاب "الاعتصام" الجزء التطبيقي المكمل لكتاب "الموافقات" الذي احتوى على التنظير لعلم المقاصد، مما جعل الشاطبي في "الاعتصام" كثير الإحالة على مباحث "الموافقات". وتأتي قيمة هذا الكتاب من كونه قد تفرد في عرض موضوعه؛ فقلما صُنِّف في هذا الموضوع على الخصوص تصنيف. بل إنه يعد أفضل ما أُلِّف في التحذير من البدع وبيان أحكامها؛ فلا نكاد نجد كتابا تناول البدعة وأحكامها كما تناولها هذا الكتاب. أما عن أسباب تأليف الكتاب، فهو ظهور البدع في عصر المصنف، وانكباب الناس على العمل بها، وسكوت المتأخرين عن الإنكار لها، حتى التبست عند الكثير بالسنة. ثم إن الشاطبي رحمه الله قد اجتمعت له في البدع والسنن أصول وفروع فمالت نفسه إلى بثها. وقد اتسم أسلوب الشاطبي في "الاعتصام" بالدقة في تعريف البدعة مع الشرح الوافي الذي يزيل به ما يقع للكثير من اللبس وعدم التفريق بين البدع والمحرمات بل والمباحات. كما اتسم أسلوبه بسعة الجمع للأدلة في الحث على السنة والنهي عن البدعة، سواء من الآيات أو الأحاديث أو الآثار الواردة عن الصحابة ومن بعدهم، مع دراسة هذه الأدلة والنقول دراسة دقيقة تنبئ عن دقة في الاستنباط وبراعة في الفهم. ثم إن المؤلف اتسم بحسن ترتيبه لموضوعات الكتاب، وتقسيمه لها على أبواب وفصول ومسائل، وتدرجه في ترتيب هذه الأبواب بحسب موضوعاتها، مما يعين القارئ على الفهم والاستيعاب. وقد اجتمعت لدى المؤلف علوم أهلته لخوض هذا الموضوع سواء العلم بالعربية أو الأصول أو مقاصد الشريعة مع قوة في الاستنباط ورصانة في العبارة. ويتحدث المصنف مجملا عن موضوع كتابه قائلا: "كتاب يشتمل على بيان البدع وأحكامها وما يتعلق بها من المسائل أصولا وفروعا". وقد جعل المؤلف هذا الكتاب في مقدمة وعشرة أبواب. فأما المقدمة فتحدث فيها المؤلف عن غربة الإسلام يوم بدأ، وأنه سيعود غريبا كما بدأ، مبينا حال القلة والضعف في أول الإسلام، ثم اكتمال الدين والقوة والنصر، ثم عودة الإسلام غريبا كما بدأ بسبب فشو البدع وظهور الفرق. وأما أبواب الكتاب؛ فالأول عن تعريف البدعة، والثاني في ذم البدع وسوء منقلب أهلها، والثالث في أن ذم البدع عام من غير تخصيص إلى حسن وقبيح، والرابع في منهج أهل البدع في الاحتجاج على بدعهم، والخامس في أحكام البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينهما، والسادس في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة، فمنها المحرم ومنها المكروه، والمحرم منه الكبيرة والصغيرة، والسابع في دخول الأمور العادية في الابتداع، والثامن في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان، والتاسع في السبب الذي دعا المبتدعة يفترقون عن جماعة المسلمين، والعاشر في بيان معنى الصراط المستقيم الذي انحرف عنه أهل الابتداع.