الجامع لأحكام القرآن
القرطبي
الجامع لأحكام القرآن
نبذة عن الكتاب

ألَّف القرطبي هذا الكتاب في تفسير القرآن كاملا مع التركيز على آيات الأحكام؛ ولذلك سماه "الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان". وهو يعد من أوسع كتب الأحكام المطبوعة إذ يبلغ عشرين جزءا في عشر مجلدات، وهو على المذهب المالكي مع التعرض لأقوال الأئمة من العلماء. وقد بيَّن في مقدمته الباعث له على تأليفه من حيث حرصه على الاشتغال بكتاب الله لكونه الكفيل بجميع علوم الشرع، والمستقل بالسنة والفرض. وكان من أسلوبه فيه إضافة الأقوال إلى قائليها، وتخريج الأحاديث وعزوها إلى مصنفيها، والإضراب عن كثير من قصص المفسرين وأخبار المؤرخين الضعيفة. وقد عرض القرطبي تفسيره بأسلوب سهل واضح مرتب. بدأه بمقدمة حافلة بعدة أبواب لا يستغني عنها متدبر أو مفسر للقرآن. ثم بدأ بعدها بتفسير القرآن حسب ترتيب السور في المصحف متناولا أسباب نزول الآيات والقراءات فيها وتوضيح مفرداتها واشتقاق كلماتها والإعراب وإيراد الشواهد الشعرية إضافة إلى ذكر ما يُستنبط من الآيات من الأحكام الفقهية وبيان آراء الفقهاء. وقد اهتم القرطبي بتفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم بالمأثور عن الصحابة والتابعين، مع بيان أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقراءات. أما عن أسلوبه في عرض الأحكام واختلاف الفقهاء؛ فباعتباره مالكي المذهب فإنه يكاد يذكر رأي الإمام مالك في جميع مسائل الخلاف، كما قد يستطرد في مواضع أخرى فيذكر إلى جانب آراء المالكية آراء الحنفية والشافعية والحنابلة، مع عرضه لأدلة كل فريق دون المناقشة والترجيح. ورغم كونه مالكي المذهب إلا أنه غير متعصب لمذهبه ويسير مع الدليل وما يؤيده ظاهر النص وإن أدى إلى مخالفة علماء مذهبه. وهذه ميزة كبرى قلما تتوفر في غيره ممن كتبوا في أحكام القرآن، وفي زمن ساد فيه التعصب المذهبي والجمود على أقوال المتقدمين من علماء المذهب. إن عناية الإمام القرطبي بذكر أحكام القرآن والخلافات الفقهية جعلته يهتم بذكر بعض المسائل والقواعد في أصول الفقه الذي يضبط قواعد الاستنباط؛ وذلك كمسائل سد الذرائع، والعام والخاص، والقياس، وغير ذلك. وقد استقى القرطبي مادة كتابه من مصادر عدة؛ منها ما كان في التفسير بعامة كتفسير الطبري وابن عطية والزمخشري، ومنها ما كان في التفسير الفقهي كأحكام القرآن لابن العربي وأحكام القرآن للكياهراسي، وأحكام القرآن للجصاص، ومنها ما كان في الأحكام الفقهية كموطأ مالك ومدونة سحنون والاستذكار والتمهيد لابن عبد البر، وغير هذه الكتب مما لا يتسع المجال لذكره.