ينتمي هذا المدخل إلى المذهب الحنبلي، ويتناول مذهب الإمام أحمد وأصحابه وآرائهم والكتب التي تناولت ذلك كله. وقد دعا المصنف إلى تأليف كتابه ما أصاب المذهب الحنبلي من تشتت كتبه حتى آلت إلى الاندراس، ومن ثم تقلص ظله في سوريا مع إشراق نوره في البلاد النجدية من جزيرة العرب. ويرجع هذا في الأساس أن الإمام أحمد كان -لشدة ورعه- ينهى عن كتابة كلامه ليبقى باب الاجتهاد مفتوحا، ولكن الله قيض له من دوَّن فتاواه وجمعها ورتبها حتى صار له مذهب مستقل، ثم هيَّأ الله له أتباعا وأصحابا سلكوا في رواياته مسلك الاجتهاد وألفوا في ذلك المطولات والمتوسطات والمختصرات. وتنبع أهمية الكتاب من التزام مؤلفه الطريق الصحيح في الاعتماد على النصوص وفهمها فهما سليما وتطبيقها على الوقائع، مما جعل أتباعه يسيرون على نهجه ويطرقون ميادين البحث وآفاقه لهذا الغرض. ويهدف الكاتب من كتابه إلى بيان عقيدة الحنابلة وأصول مذهبهم وطريقتهم في ترتيب مسائل المذهب وأصولهم الفقهية وكتبهم المشهورة. وقد سلك المصنف في كتابه المنهج الوصفي حيث جمع أشتاب كتب المذهب ورتبها ووصفها على نحو واضح سهل. يتألف الكتاب من مقدمة وثمانية عقود. بيَّن مؤلفه في مقدمته مذهبه في العقائد وسبب اختياره مذهب الإمام أحمد في الفروع، وسبب انصراف كثير من الناس عن مذهب الحنابلة في سوريا، وبيَّن سبب وضعه للكتاب وطريقته فيه. أما العقود الثمانية؛ فهي: الأول: في العقائد التي نقلت عن الإمام أحمد، الثاني: في سبب اختيار كثير من كبار العلماء مذهب الإمام أحمد، الثالث: في ذكر أصول مذهبه في استنباط الفروع، الرابع: في طريقة كبار أصحابه في ترتيب مذهبه، الخامس: في الأصول الفقهية التي دونها الأصحاب، السادس: فيما اصطلح عليه المؤلفون في فقه الإمام، السابع: في الكتب المشهورة في المذهب، الثامن: في الفنون التي ألف فيها الحنابلة. ويعتمد المؤلف في أغلب أسلوبه على كتب الحنابلة، وبخاصة المشهورين منهم، ينقل عنها ويوازن بينها، ويرجح ويختار، هذا مع كونه غير مقتصر على ما في مذهب الإمام أحمد فقط. ثم إن خبرته بكتب الحنابلة تظهر في طريقة استعراضه لمصنفاتهم وإلمامه بالطريقة التي سلكوها. ويظهر الجانب التربوي لدى المؤلف واضح المعالم وذلك في وضعه قواعد للدارسين والمعلمين مبينا الطريقة الأفضل لديه في التعليم والتدرج في الكتب. أما أهم مزايا الكتاب في الأصول فتتمثل في عدم الاقتصار على رأي علماء الأصول من الحنابلة، بل يذكر بجانب ذلك آراء أخرى، ويحقق في مسائل الخلاف، ويعترض على ما يراه فاسدا من الآراء ويناقشه. هذا مع عنايته بترجمة مخطوطات المذهب ووصفها أكثر من المطبوع. إلا أنه قد يؤخذ على الكتاب التكرار في بعض مباحثه، ولعل مؤلفه سوده على أمل مراجعته ولكنه لم يدرك ذلك. والكتاب في طبعته الأولى مملوء بالأخطاء والتصحيفات، خال من كثير من التخريجات للأحاديث والأشعار.