يعد كتاب المغول في التاريخ للدكتور فؤاد الصياد الأستاذ بجامعة عين شمس وجامعة بيروت العربية وجامعة قطر من أوائل ما كتبه المؤرخون المعاصرون اعتمادا بالدرجة الأولى على أصول هذا التالريخ في الآداب والروايات التي دونت باللغة الفارسية. ولا غرو فرسالة الدكتوراه له كانت بعنوان "مؤرخ المغول الكبير رشيد الدين فضل الله الهمذاني" صاحب الموسوعة الهامة "جامع التواريخ" (710هـ) وهي من أهم ما كتب في تاريخ المغول باللغة الفارسية. ولقد مثلت حملات المغول على مراكز الحضارة الإسلامية ونشوء دولتهم الكبرى التي كانت تضم الصين وإيران وما بين النهرين وآسيا الصغرى وشرق أوربا أهم حوادث التاريخ في القرنين السابع والثامن الهجريين (الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين). وليس هناك فترة من فترات التاريخ تقدم مثل هذه السلسلة المتتابعة الحلقات من الكوارث المتنوعة المروعة أو الفتوح التي تشبه الأساطير أو هذا التجمع الغريب لضروب الإفراط من كل نوع ما بين أعمال وحشية وفظائع تثير القلب والعقل تصحبها بطولات وانتصارات هائلة. ولما كانت الكتب المؤلفة باللغة العربية قليلة في هذا الباب، بالرغم من دور المسلمين في إنقاذ البشرية من خطر هؤلاء القوم، كان ذلك مما شجع الكاتب على تأليف هذا الكتاب وهو الجزء الأول، الذي يعالج فيه تاريخ هؤلاء القوم منذ زعيمهم جنكيز خان إلى حفيده هولاكوخان. وتلاه الجزء الثاني بعنوان "الشرق الإسلامي في عهد الإليخانيين - أسرة هولاكوخان". وقد تناول الكاتب تاريخ المغول في 12 فصلا بعد المقدمة، وتتضمن ما يلي: قبائل الترك والمغول في القرن السادس، ظهر جنكيزخان، الشرق الإسلامي إبان غزوات المغول، تطور العلاقات بين الدولة الخوارزمية والمغول قبل هجوم جنكيزخان، حملات جنكيزخان على الدولة الخوارزمية، سياسة جنكيزخان وتحليل شخصيته، خلفاء جنكيزخان من أسرة أوكتاي قا آن، خلفاء جنكيزخان من أسرة تولوي خان، حملة هولاكوخان على إيران والقضاء على الإسماعيلية، هولاكوخان وسقوط الدولة العباسية، حملة هولاكوخان على الشام، تقاليد المغول ونظمهم الاجتماعية والحربية.والكتاب كان أول ما صدر - بمبادرة ومشاركة من أستاذه الدكتور أحمد عزت عبد الكريم - سنة 1960م، وقد لاقى قبولا آنذاك ونفدت الطبعة ثم كان هذا الكتاب الذي بين أيدينا. ويتميز الكتاب بأسلوبه المتين المسترسل في آن، وتحقيقه لكثير من الحوادث والمواقف التاريخية، كدور الإسماعيلية في مناوءة الخلافة العباسية، وموالاة الوزير ابن العلقمي للمغول في غزوهم للخلافة العباسية، وعلاقة المغول بالصليبيين، كما يظهر فيه الاعتزاز بالهوية الإسلامية والسنية، مع الإنصاف في الحديث عن المغول والتتار وما امتازوا به من الصفات التي مكنتهم من الصعود السريع والانتصارات المتتالية، وإبراز النصر الحاسم عليهم من قبل المماليك في معركة عين جالوت، وهي المعركة الحاسمة ليس في تاريخ المسلمين فحسب لكن في تاريخ الإنسانية كلها على حد وصف المؤلف.كما يمتاز الكتاب بقسم للجداول والخرائط والصور التوضيحيةن وبرجوعه إلى قائمة كبيرة من المصادر والمراجع العربية والفارسية والإنجليزية. ويلحظ في الكتاب التأثر بالنزعة القومية العربية بعض الشيء.