يُصنَّف هذا الكتاب ضمن كتب المذهب الحنفي. وهو في حقيقته معجم لغوي فقهي، عُنِي فيه المطرزي -الملقب بخليفة الزمخشري في اعتزاله- بشرح غريب الألفاظ التي ترد في كتب الفقه الحنفي. والكتاب أصله كتاب "المعرب" المطول للمؤلف نفسه، وهو الذي لم يصل إلينا، ثم اختصره المصنف وهذبه ورتبه على حروف المعجم، مضيفا إليه فوائد وزيادات استمدها من مصادر مختلفة. وقد أوضح في مقدمته سبب تلك التسمية قائلا: "وترجمته بكتاب المغرب في ترتيب المعرب لغرابة تصنيفه ورصانة ترصيفه، ولقرابة بين الفرع والمَنمى، والنتيجة والمنتمى". وتبدو أهمية الكتاب من كونه بمنزلة كتابي "الزاهر" للأزهري و"المصباح المنير" للفيومي في عنايتهما بألفاظ الفقه الشافعي. بل إن المطرزي تعدى ذلك إلى شرح مزيد من غرائب اللغة وأعلام البلدان والرجال، محتجا بالآيات والأحاديث وأقوال أئمة العربية حتى غدا كتابه أشبه بموسوعة ثقافية موجزة متنوعة الألوان. وهو على اختصاره واختصاصه يدل على فضل المطرزي، وسعة باعه في اللغة، وقوة تحقيقه، ولا يغني عنه أي معجم لغوي، ولم يؤلَّف قبله ولا بعده ما يماثله، هذا إلى أنه يضم مواد غير موجودة في لسان العرب ولا في تاج العروس وهما الموسوعتان العظيمتان في لغة العرب. ويبدو السبب الذي دعا إلى تصنيف الكتاب فيما ألقاه بعض من كان يختلف إلى مجالس المصنف من أسئلة عليه، فكان يجيب بشروح وإيضاحات، جمعها في كتابه المطول "المعرب" ثم اختصرها وهذبها في كتابه "المغرب". ويتمثل الهدف من الكتاب في جمع ألفاظ الفقهاء الحنفية في كتبهم الشهيرة والمعتمدة، لا سيما ما يحتاج منها إلى كشف وبيان في معناه اللغوي، فاستوفى المصنف ما تيسر له منها ثم شرحه وبيَّن معناه وضبطه عند اللغويين. ومن ثم كان المنهج الذي سلكه المصنف هو المنهج الاستقرائي في جمع ألفاظ فقهاء الحنفية من مظانها. وللمصنف أسلوب نسق به كتابه -وهو يغني عن الكلام عن المحتوى- حيث رتب كتابه هجائيا على حسب أوائل الكلمات بعد تجريدها من الزوائد وإعادتها إلى أصولها الثلاثية، وقد يفسر الكلمة مع قرينتها في غير ترجمتها إذا وردت في نص استشهد به، فإذا انتهى إلى موضع تلك الكلمة في ترجمتها أثبتها غير مفسرة وأحال على الموضع الذي فسرها فيه. وقد جرت عادة المؤلف في أول كل باب أن يسمي حرفه مع الحرف التالي -أي الفاء والعين- في المرة الأولى فقط، ثم يستغني عن ذكر حرف الباب. وقد استمد المؤلف مادة كتابه من مراجع كثيرة منها كتب اللغة كالعين والجمهرة والتهذيب والصحاح وأساس البلاغة ومقاييس اللغة، وكتب أخرى مختلفة كأدب الكاتب وحماسة أبي تمام وكتاب سيبويه ومشكل الآثار للطحاوي، وغير ذلك. ومما يميز الكتاب ما ألحقه المطرزي على كتابه كذيل يحوي كثيرا من ضوابط اللغة ومسائل النحو والصرف وحروف المعاني وما إلى ذلك مما يحتاج إليه اللغوي والفقيه. وعلى الرغم من القدم النسبي لطباعة الكتاب في أواخر القرن الرابع عشر الهجري إلا أن التحقيق كان وافيا من حيث المراجعة على مخطوطات الكتاب المختلفة، والتعريف ببعض الأعلام أو الكتب التي ورد ذكرها في الكتاب، وتخريج الآيات والأحاديث والشواهد الشعرية في الهامش.