هو كتاب في الفقه على مذهب الإمام الشافعي. يقول الشيرازي في المقدمة عن هدفه من تصنيف الكتاب: "وهذا كتاب مهذب، أذكر فيه إن شاء الله أصول مذهب الشافعي رحمه الله تعالى بأدلتها، وما تفرع من أصوله من المسائل المشكلة بعللها". والمقصود بأصول مذهب الشافعي نصوصه في المسائل الفقهية وأمهات الأحكام الشرعية. لذلك فإن المصنف ذكر الأحكام، ثم بيَّن الاستدلال عليها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والتعليل بالمعقول أحيانا. وكل ذلك بأسلوب سهل وعبارة أديبة، بعيدا عن التعقيد والإلغاز الذي ساد فيما بعد في المتون الفقهية في عصر الانحطاط. ومن ثم صاغ المؤلف فقه الشافعي بعبارة مسبوكة، مختصرا أقوال من سبقوه في المذهب ومشيرا إلى مواطن اختلافهم. وقد كتب المصنف كتابه في آخر عمره إذ يقول عنه في مقدمته: "وهو على التحقيق نتيجةُ عمري وثمرةُ فكري في دهري". وهو ينطلق من نصوص الإمام الشافعي في كتبه الجديدة كالأم والإملاء والمختصر وغيرها. وتبدو أهمية "المهذب" في كونه أهم كتاب في فقه المذهب الشافعي في عصره؛ فقد تهافت عليه العلماء، وأكبَّ عليه الطلاب في الدراسة والتدريس، وأصبح المرجع الوحيد للفتوى في المذهب إلى عصر الرافعي والنووي في القرن السادس الهجري. وقد ظهرت على الكتاب الشروح ما بين مطول ومختصر، وبعضها لم يكمل؛ منها "الفوائد على المهذب" لأبي علي الفارقي، و"أحكام المذهب مما خرجه صاحب المهذب" لموفق الدين صالح بن أبي بكر المقدسي، و"الاستقصاء لمذاهب العلماء والفقهاء" للماراني، و"شرح غريب المهذب" لعلماء كثيرين. وظهرت عليه المصنفات العديدة؛ منها "النظم المستعذب" لمحمد بن بطال اليمني، و"شرح مشكلات المهذب" لعبد العزيز بن عبد الكريم الجيلي. ومن أهم شروح المهذب "المجموع" للنووي. إلا أن معظم الكتب الخادمة لكتاب "المهذب" لا يزال مخطوطا وبعضها مفقود، عدا كتابين هما "المجموع" و"النظم المستعذب في شرح غريب المهذب". وتألف الكتاب في هذه الطبعة من ثلاثة أجزاء؛ يحتوي الجزء الأول على كتب الطهارة، والصلاة، والجنائز، والزكاة، والصيام، والاعتكاف، والحج أما الجزء الثاني فيحتوي على كتب الطلاق، والإيلاء، والظهار، والأيمان، والعدة، والرضاع، والنفقات، والجنايات، والديات، وقتال أهل البغي، والسير، والحدود، والأقضية، والشهادات، والإقرار. أما الجزء الثالث فيحتوي على كتب البيوع، والرهن، والصلح، والحوالة، والضمان، والشركة، والوكالة، والوديعة، والعارية، والغصب، والشفعة، والقراض، والمساقاة، والإجارة، والسبق والرمي، وإحياء الموات، واللقطة، واللقيط، والوقف، والهبات، والوصايا، والعتق، والمكاتب، وعتق أمهات الأولاد، والفرائض، والنكاح، والصداق، والخلع. ولكن هناك بعض الإشكالات التي أثيرت حول الكتاب؛ فربما أطلق القول في المسألة الخلافية دون ترجيح، وربما اختار غير الراجح في المذهب، وربما ذكر قولا في المسألة ولم يذكر القول الآخر حال كونه القول المعتمد في مذهب الشافعية. كما أُخذت عليه بعض العبارات والألفاظ المستغربة التي فيها إشكل لغوي وفقهي، مع إطلاقه للأحاديث والآثار دون عزو أو سند.