يعد هذا الكتاب إضافة قيمة في باب الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم؛ إذ الدراسات اللغوية تتسم في الغالب بالتعميم والمرور السريع على ألفاظ القرآن وإلقاء القول على عواهنه دون القدرة على البرهنة عليه إيمانا بأن الكتاب من عند الله. فانطلق هذا الكتاب من نظرية مفادها أن للقرآن لغته واستعمالاته الخاصة التي تختلف عن استعمالاتنا البشرية سواء الرسمية منها أو اليومية؛ فلسان القرآن قد ارتقى باللغة العربية وجدد فيها كل شيء تقريبا: الألفاظ - الأساليب - السياقات - الجمل - التعبيرات - الصور - القواعد - المآلات. ومن ثم جاء منهج الكتاب يوازن بين لغة القرآن التي نزل بها وبين اللغة المعاصرة له وهي لغة الشعر الجاهلي مستعينا بالموسوعة الشعرية التي أصدرها المجمع الثقافي في أبو ظبي مستقرئا أحسن ما تكلمت به العرب. وأيضا وازن بين لغة العرب وبين لغة النبي في الحديث النبوي. وأثبت أن اللسان القرآني حين يشتبك مع الوعي الإنساني والفطرة الإنسانية لا يملك أحد دفعه إلا بجحود الظاهر. لذا انتهى التحدي إلى استسلام المشركين وإخلائهم هذه الساحة وبقي القرآن يتحدى سائر الأجيال. وقد حرص المصنف على وضع القارئ في إطار بسيط وواضح من الشروح مع الإكثار من الأمثلة المأخوذة من الحياة اليومية وتجنب الإسراف في التعليقات والهوامش فيذكر سند الحديث وروايته إذا كان مما يعتمد عليه البحث في أفكاره ومنهجه ويهمله إن لم يترتب عليه تغيير حكم فقهي أو شرعي أو تاريخي. ويتألف الكتاب من جزأين: الجزء الأول عن ظواهر اللغة الجديدة التي نزل بها القرآن، وهنا أبرز المؤلف كل ما أدخله القرآن في اللغة العربية من تغييرات، واستمد شواهده من مختلف سورة القرآن مع إعطاء عناية خاصة بسورة المدثر إذ غطت معظم فصول هذا الجزء من حيث الجوانب اللغوية والنحوية والبلاغية المستجدة فيها. أما الجزء الثاني فهو عن لغة الإعجاز في الفاتحة وقصار السور حسب الترتيب التراجعي لها أي البدء بسورة الناس ثم الفلق ثم ما قبلها. ويبدأ المؤلف دراسته لهذه السور بالوقوف عند الألفاظ والمصطلحات الجديدة في كل سورة، ثم يتبع ذلك بالحديث عن الصياغة اللغوية والعلاقات الداخلية النحوية والفكرية والبيانية، ثم ينتقل إلى السبائك القرآنية اللغوية الجديدة، ويتوقف بعد ذلك عند الألفاظ والعبارات ذات الأبعاد المتعددة في النحو والمعنى مما يخرجها من نطاق اللغة المسطحة ويدخلها في باب اللغة المنفتحة، وينتهي بعد ذلك إلى الحديث عن جوامع الكلم من العبارات القرآنية السائرة والمرشحة دائما لأن تدخل معاجم لغتنا اليومية والأدبية.