هذا الكتاب يعد ضمن المحاولات التجديدية المعاصرة في مجال أصول الفقه، والتي تعنى بالتدريس التطبيقي لأصول الفقه. وهو كتاب موسوعي للمصنف اليمني أحمد بن علي الوزير، وهو فقيه أصولي، يقدم فيه بديلا كاملا لأصول الفقه على مدى نحو تسعمائة صفحة، ففي مقدمة كتابه يتساءل بقوله: (أليس من الواجب أن ندرس الأصول دراسة نافعة؟ وأن نحاول تقريبه وتقديمه للتلاميذ في صورة قريبة سهلة، خاصة بعد أن صعّبه المتأخرون وخلطوا فيه الأصيل بالدخيل وزجوا به إلى ميدان التعصب المذهبي). ويرى المؤلف أن الأصوليين جعلوا هذا العلم معقدا، ولهذا حذف مباحث أصولية يرى أنها دخيلة على هذا العلم، ولهذا نعت كتابه بالمصفى.وقد وضع المؤلف كتابه إبان فترة اعتقاله، وقرظه له فيما بعد صديق له في المحنة، وكانت فترة حكم الإمام يحيى لليمن. وقد رتب المؤلف كابه على مقدمات وثلاثة أقسام. حيث تناولت المقدمات كيفية نشأة علم الأصول، وتطور الفن وأهميته، والحاجة إلى التأليف في هذا الفن، والدخيل في علم الأصول - كالمنطق وعلم الكلام -، وجناية التقليد على الأصول، والتمذهب، وفتنة المناصب، والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وفكرة التأليف؛ ثم ذكر ضمن المقدمات مبادئ الأصول - استمداده وموضوعه وحكمه وغايته وحده -، ثم شرع في صلب الكتاب وهي الأقسام الثلاثة: القسم الأول الحكم الشرعي، وشمل بابا منفردا بنفس الاسم، ثم القسم الثاني في الدليل، وفيه بابان في الكتاب العزيز وفي السنة وأقسامها، ثم القسم الثالث وهو أصول استنباط الحكم الشرعي وفيه تسعة أبواب، الأمر والنهي، العام والخاص، المطلق والمقيد، المجمل والمبين، المنطوق والمفهوم، النسخ، الاجتهاد والتقليد، التعارض والترجيح، موضوعات لغوية.والمصنف يذكر منهجه في تصنيف مؤلفه فيقول: وقد ألزمت نفسي في هذا المؤلف بالتالي: أن تكون الأمثلة والنماذج والتمارين من الكتاب والسنة والقياس الصحيح والإجماع والقياس، تصفية الأصول من الدخيل الذي لا فائدة فيه للطلاب، محاولة تربية العقول على الاستقلال في البحث والاعتماد على الدليل لأي نظرية، الاهتمام بالقواعد المهمة في أبحاث كاملة وإدراج القواعد البسيطة في ملحقات.ويقترح المصنف نموذجا للدراسة التطبيقية لأصول الفقه مثل هذا المثال المتعلق بالحكم التكليفي والوضعي، إذ سلك فيه المؤلف الخطوات التالية: ضرب الأمثلة من القرآن: إيراد أربع آيات؛ بحث وتحليل هذه الأمثلة واستخراج أنواع الحكم التكليفي والوضعي منها، وإيضاح أقسام الحكم التكليفي الثلاثة، وهي: السبب والشرط والمانع؛ إثبات القواعد المرتبطة بنوعي الحكمين التكليفي والوضعي وأقسام الحكم الوضعي الثلاثة، ووضعها جميعا داخل إطار وبخط واضح؛ إعطاء بعض النصوص الإضافية من السنة كنماذج تطبيقية للقواعد المسجلة في الخطوة السابقة، ثم إيضاحها في جداول خاصة بكل نص؛ إعطاء تمارين في الموضوع؛ وهي عبارة عن نصوص من القرآن والسنة يتكفل الطالب باستخراج أنواع الحكم التكليفي والوضعي بأقسامه بمساعدة الأستاذ.فالملاحظ على الطريقة المقترحة أنها طريقة تعليمية مدرسية تساعد الطالب على تلقي قواعد علم الأصول بسهولة ويسر، ويزخر الكتاب بالأمثلة والجدال والتمارين. وقد وضع المؤلف كتابه على طريقة كتاب النحو الواضح لعلي الجارم، حيث يرى أن مثل هذه الكتب - البلاغة الواضحة والنحو الواضح - قد حلت محل الشرح الصغير والخبيصي وهي للمتقدمين ومعروفة بالتعقيد. والمؤلف زيدي المذهب، وهو ما نلمسه في مباحث من الكتاب كما في باب قول الصحابي.