القواطع في أصول الفقه
منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد السمعاني المروزي التميمي
القواطع في أصول الفقه
نبذة عن الكتاب

يعد هذا الكتاب من أهم ما كُتب في أصول الفقه على منهج أهل السنة؛ إذ إن مؤلفه قد شن حملات ضارية ضد المتكلمين من معتزلة وأشاعرة من خلال نقد مسالكهم والتحذير من تبعاتها؛ فقد صرح بأن المتكلمين الخائضين في أصول الفقه لا يعتد بهم إلا لو وافقوا الفقهاء في ترتيب الأصول وطرق الأدلة. لذا أفصح السمعاني رحمه الله من دوافعه لتأليف الكتاب قصور كتب الأصحاب عن معاني الفقه، وانتهاجها في الأصول سبيل المتكلمين. ومن هنا برزت قيمة الكتاب في كونه قد أوضح الحق بأقوى البراهين، وفند شبهات المخالفين، فكان الكتاب بحق قاطعا للشكوك والشبهات، اسما على مسمى. يقول عنه حفيد المؤلف أبو سعد السمعاني: "هو يغني عما صنف في ذلك الفن". ويقول عنه تاج الدين السبكي: "لا أعرف في أصول الفقه أحسن من كتاب القواطع". ويقول الزركشي عنه: "أجل كتاب للشافعية في أصول الفقه نقلا وحجاجا". وهو وإن صرح بأن كتابه مصنف على قواعد الشافعي إلا أن ذلك لم يمنعه من مخالفة المشهور عند أصحابه أو المعروف من مذهبه؛ كاختياره عدم جواز القياس اللغوي في الأسماء، وقوله بجواز نسخ السنة بالقرآن، وترجيحه حجية الإجماع السكوتي، وغير ذلك. ويتميز أسلوب الكتاب بسهولة اللفظة والعبارة مع فصاحتها، والبعد عن التقعر والتشدق في الكلام، مع مجانبة العجمة والركة. يقول أبو المظفر عن مذهبه في البيان: "والعبارات قوالب المعاني، فإذا زادت على المعاني كانت من فضول المعاني، ثم إذا هجم عليها فلا بأس بأن يكسوها بالكسوة الحسنة... فأما إذا اشتغل بالعبارات وأعرض عن المعاني وكان جل سعيه في التهويل على الخصوم وإيقاعهم في الأغاليظ بعباراته، خفي الحق والصواب فيما بين ذلك. وجواب واحد يقام عليه برهان يكشف عن الحق ويسكن إليه القلب ويزول به تلجلجه، خير من ألف جواب جدلي وإن كان يقع به دفاع الخصوم وإسكاتهم". أما عن منهج أبي المظفر في كتابه فإنه يُصَدِّر المسألة بذكر الأقوال المتضادة بإنصاف ودقة، ثم ينص على المذهب المختار، ثم يشرع في ذكر أدلة المخالفين قبل أدلته وينص على القوي منها والمعتمد، ثم يشرع في ذكر حجج القول المختار واضعا حذاء كل حجة اعتراضَ المخالفين عليها، والجواب عن ذلك الاعتراض. وبعد الانتهاء من ذلك كله يكر أبو المظفر على أدلة المخالفين فيفنّدها دليلا دليلا. وقد رتب موضوعات كتابه في أبواب وفصول ومسائل. فجاءت موضوعات الأبواب كالتالي: الأوامر،النواهي، العموم والخصوص، دليل الخطاب، البيان والمجمل والمبين، الأخبار وموجبها، الناسخ والمنسوخ، الإجماع. ومن مزايا الكتاب الدقة في عزو المذاهب، وتحرير الأقوال من كل جانب، فهو يتحرج من نسبة بعض المذاهب الغريبة إلى الأئمة الكبار، مما يدلل على تعظيمه للأئمة وإجلاله لهم. كما تميز الكتاب بالروح العلمية المبثوثة فيه، وميله لتجلية الحق بكل تجرد ونزاهة لا سيما في أثناء الردود على مخالفيه. هذا إلى جانب الإتقان في الصنعة الحديثية.