الرد على الزنادقة والجهمية
أحمد بن حنبل
الرد على الزنادقة والجهمية
نبذة عن الكتاب

ألَّف الإمام أحمد بن حنبل هذه الرسالة وهو في السجن. وكان ذلك في الظاهر في عام 220 هـ إذ كانت مناظرات الإمام أحمد مع الجهمية في العام السابق لها. وتتبين قيمة هذه الرسالة في فضل كاتبها أولا إذ يقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: "صار عَلَما لأهل السنة الجائين بعده من جميع الطوائف: كلهم يوافقه في جمل أقواله وأصول مذاهبه، لأنه حفظ على الأمة الإيمان الموروث والأصول النبوية ممن أراد أن يحرفها أو يبدلها". ثم إن الرسالة في أصول من اعتقاد أهل السنة والجماعة، والجواب عن شبهات الجهمية، والرد عليهم بدلائل الكتاب والسنة؛ فهي من الرسائل السلفية التي يجب الاعتناء بها ونشرها بين الناس لما تحمل في طياتها من عقيدة صافية نقية. وقد عرض الإمام أحمد لكثير من الآيات التي ظن الزنادقة أن فيها تناقضا واضطرابا، فأجاب الإمام أحمد بما تقر بين العين. ثم إنه رحمه الله قد احتج بالأدلة العقلية وهذه كانت طريقة السلف إذ "كانوا يستخدمون القياس العقلي على النحو الذي ورد به القرآن في الأمثال التي ضربها الله تعالى للناس". ومما يدل على أهمية الكتاب أن شيخ الإسلام ابن تيمية شرحه وعلق عليه وحلله تحليلا بديعا، بل وفي أثناء الشرح يقارن بين النسخ. وقد أثنى عليه العلماء وتلقوه بالقبول؛ يقول عنه العلامة يحيى بن إبراهيم (ت 550 هـ) في كتابه "منازل الأئمة الأربعة": "... ورده على الزنادقة دعوى التناقض على القرآن روضة زاهرة زاهية". وقال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "وجرى على إمام أهل السنة الإمام المبَجَّل أحمد بن حنبل من ذلك أشد امتحان وأعظم بليه، وضُرب حتى أغشي عليه من الضرب، وإذا جادله منهم مجادل قال: ائتوني بشيء من كلام الله وكلام رسوله حتى أجيبكم إليه... وهو مع ذلك يكشف الشُّبَه ويبين بطلانها بأدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة والأدلة العقلية الصريحة، وصنَّف في ذلك كتابه المعروف في الرد على الزنادقة والجهمية، وهو كتاب جليل لا يستغني عنه طالب العلم". وقد اشتملت الرسالة على قسمين، وكل قسم فيه عدة مسائل مهمة. وهذان القسمان هما: القسم الأول: الآيات التي تعلق بها الزنادقة في دعواهم أن القرآن متناقض وهي التي عبَّر عنها الإمام أحمد بالمتشابه. والقسم الثاني: إثبات الصفات والرد على الجهمية. فمن ذلك؛ إثبات أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، وإثبات تكليم الله لموسى عليه السلام، واستخدام القياس العقلي، وتقرير أن الله عز وجل فوق عرشه، والجواب عن شُبَه الحلولية التي عارضوا بها القرآن والسنة، وإثبات صفة العلم لله والرد على الجهمية في إنكارها، وبيان ما ضلت به الجهمية من إنكار بقاء الجنة والنار وقولهم بفنائهما. ثم ختما رسالته بالدعوة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، والقول بقول الصحابة والتابعين، وحذَّر من القول بقول أهل البدع وأتباعهم من أتباع جهم بن صفوان.