السراج المنير
الخطيب الشربيني
السراج المنير
نبذة عن الكتاب

تفسير السراج المنير أو "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير" هو أحد كتب تفسير القران الكريم المتأخرة، ألفه الفقيه الشافعي محمد الشربيني الخطيب الفقيه المعروف صاحب الإقناع ومغني المحتاج، وقد فرغ من تأليفه سنة 968هـ. ويعد الكتاب تفسيرا قيما، اقتصر فيه المؤلف على أرجح الأقوال وإعراب ما يحتاج إليه عند السؤال. شرع المؤلف في تفسيره بعد أن زار النبي صلى الله عليه وسلم في مطلع عام 961هـ، فاستخار الله تعالى في حضرة النبي الكريم بعد أن صلى ركعتين في الروضة الشريفة، وسأل الله التيسير، فشرح الله صدره، إلى أن عاد وقال له شخص من أصحابه: رأيت في منامي إما النبي صلى الله عليه وسلم أو الشافعي يقول لي: قل لفلان يعمل تفسيرا على القرآن، ثم يقول المؤلف في مقدمة كتابه: "ثم سألني بعد ذلك جماعة من أصحابي المخلصين وعلى اقتباس العلم مقبلين بعد أن رأوني فرغت من شرح (منهاج الطالبين) أن أجعل لهم تفسيرا وسطا بين الطويل الممل والقصير المخل، فأجبتهم إلى ذلك ممتثلا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا". وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية وأعاريب محلها كتب اللغة العربية، وحيث ذكر فيه شيئا من القراءات فهو من السبع المشهورات، وقد يذكر بعض أقوال وأعاريب لقوة مداركها أو لورودها ولكن بصيغة قيل ليعلم أن المرضي أولها. ورتب الشيخ تفسيره على نفس ترتيب المصحف، فبعد المقدمة، ابتدأ تفسيره بفاتحة الكتاب، إلى أن اختتمه بسورة الناس. كما عني المؤلف عناية بالغة بالأسلوب الموضوعي في تفسيره. فكان منهجه في تفسير البسملة أن يفسرها في كل سورة بنمط جديد يتناسب مع موضوع السورة ومقاصدها وأهدافها حسبما يتراءى له. وقد اجتهد في بيان أسماء السور، فقد ذكر أسماء أخرى لتسع عشرة سورة، وكان في بعضها يذكر الأسماء الأخرى دون التعليق عليها، وفي بعضها يتلمس الحكمة من تسميتها بهذه الأسماء. أما باقي سور القرآن الكريم فقد وقف عند أسمائها المذكورة في المصحف. أما في بيان فضائل السور فيذكر المؤلف في نهاية تفسيره لكل سورة ما ورد في فضلها، وينبه على الضعيف منه والموضوع. كما ذكر آراء العلماء في الحروف المقطعة دون ترجيح رأي على آخر، ولم يذكر لنفسه رأيا في ذلك، علما أنه أورد مسائل متعلقة بهذه الأحرف وبين رأيه فيها. بالإضافة لاهتمامه الكبير بذكر المناسبات بين السور والآيات، واعتنائه بالقراءات السبع المشهورة واقتصر عليها، وقد أطال ذكر أسباب النزول وعزاها أحيانا إلى قائليها، وأحيانا لا يعزوها. كما يهتم الشربيني بالأحكام الفقهية دون توسع، ولا يستفيض في عرض الاختلافات بين المذاهب الفقهية ومناقشتها إلا قليلا، ولا يذكر من المسائل الفقهية سوى ما يعين على فهم المراد من الآية. ويقول المؤلف بجواز النسخ عقلا، وجوازه شرعا، ويرد على من ينكره. وأيضا في التفسير العلمي للآيات الكونية اتخذ الشربيني اتجاها وسطا، فذكر ما ورد في الأثر فيها واعتمد على الدلالات اللغوية في بيان المراد منها، ويذكر أقوال العلماء ولكن بقلة. ومن منهجه أيضا الدعاء عند انتهائه من تفسير بعض الآيات، كذلك الدعاء عند الانتهاء من تفسير السورة. وأخيرا كان يكثر من المواعظ والرقائق والترغيب والترهيب، أثناء التفسير، ويستطرد في ذكر المواعظ والحكم الصوفية، لكنه لا يفسر الآيات تفسيرا إشاريا بمثل الفلسفة الصوفية. ولا يؤخذ شيء ملموس على التفسير، حتى وإن كان المؤلف يغلب عليه علوم العربية وقد بدا أثر ذلك في تفسيره جليا، فلم يلحظ عليه في تفسيره لآيات الأسماء والصفات خروج عن نهج أهل السنة؛ غير أنه أحيانا يبدأ بالجانب اللغوي ثم يعقب بقوله وأهل السنة يقولون كذا.