هذا الكتاب القيم هو شرح لواحد من أهم متون الفقه الحنبلي، زاد المستقنع، وهو متن يختصر كتاب المقنع لابن قدامة في الفقه الحنبلي. ومؤلفه العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الوهيبي التميمي، العالم الفقيه الداعية المفسر، عضو هيئة كبار العلماء ومدرس العلوم الشرعية.وزاد المستقنع هو متن قيم في الفقه مختصر جدا على مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- وأصله هو كتاب المقنع للموفق ابن قدامة -رحمه الله- الإمام المجتهد، اختصره الفقيه الحنبلي شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي الصالحي، من أهل دمشق ومفتي الحنابلة وشيخ الإسلام فيها. فجاء هذا المتن المختصر المعروف بزاد المستقنع في اختصار المقنع، مع حذفه لبعض المسائل نادرة الوقوع والزيادة عليه بما دعت إليه الحاجة، مع عدم الالتزام بترتيب المسائل كما سردها الموفق ابن قدامة؛ فقد تجده يذكر بعض المسائل في غير الباب الذي ذكرها فيه الموفق أو يكون الموفق ذكرها في أول الباب ويضعها الحجاوي في أخره، وأيضا فإنه قد كرر الحجاوي بعضا من المسائل لدخولها في أكثر من باب مع عدم تكرار الموفق لها. وقد خالف الحجاوي الموفق في بعض من اختياراته إذا لم يشر الموفق إلى أن هذا الرأي رواية في المذهب، هذا مع كون الحجاوي قد خالف في بعض المسائل المشهور في المذهب عند المتأخرين فيما يقرب من اثنتين وثلاثين مسألة، والمتن نفسه خال من الأحاديث؛ لأن مقصوده هو ذكر المسائل الفقهية دون إكثار من الفروع إلا ما دعت إليه الحاجة، ودون ذكر للدليل ولا للتعليل، وهذا متن مهم جدا عند علماء الحنابلة. ولذلك كثرت عليه الحواشي والتعليقات، ومما كتب عليه من الحواشي: حاشية لعبد الغني العُتيلي، حاشية لعبد العزيز بن عبد الرحمن بن بشر (ت:1359هـ)، حاشية لفيصل بن عبد العزيز آل مبارك النجدي (ت:1376هـ) في "كلمات السداد"، حاشية لمحمد بن عبد الله بن حسين أبا الخيل (ت:1381هـ) في "الزوائد على الزاد"، حاشيته لابن قاسم (ت: 1392هـ)، حاشية للشيخ صالح البليهي (ت:1410هـ) في "السلسبيل في معرفة الدليل" اعتنى فيها بذكر الأدلة والحكم على الأحاديث وذكر مذاهب العلماء، قال عنها الشيخ بكر في المدخل: "وهو حاشية نفيسة جدا حقق فيها ودقق، بسياق الدليل والتعليل وتصحيح المذهب في جُل مسائله، وبيان المختار ما عليه الفتوى، واعتنى بذكر اختيارات الشيخين ابن تيمية وابن القيم ". ومما كتب عليه من الشروح: الروض المربع للبهوتي، والشرح الممتع على زاد المستقنع للعلامة محمد صالح العثيمين، وهو الكتاب الذي بين أيدينا. وتعد حاشية البليهي من أجل ما كتب في شرح المتن، غير أن أهل العلم غالبا ما ينصحون المبتدئ بشرح الشيخ محمد العثيمين رحمه الله المسمى (الشرح الممتع) فهو مفيد جدا للمبتدي، ولا يستغني عنه المنتهي.ولما كان الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي يُدرِس المتن للشيخ محمد بن صالح العثيمين ويحثه على حفظه، صار الشيخ ابن العثيمين يُدرسه للناس في الجامع الكبير بعنيزة ويشرحه لهم، وكانت هذه المجالس تسجل ويتم تداولها على أشرطة الكاسيت. ثم قام بعض طلاب الشيخ بتتبع هذه المادة الصوتية وتصنيفها وترتيبها وتخريج أحاديثها وإخراجها في كتاب ثم راجعها الشيخ وأخرج الكتاب. ويقع الكتاب في خمسة عشر جزءا.. ويعد منهج الإمام العثيمين موافقا لمنهج شيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي، إذ كان معروفا بخروجه عن المذهب الحنبلي وعدم التقيد به، وكثيرا ما يتبنى آراء ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ويرجحهما على المذهب الحنبلي، فلم يكن عنده جمود تجاه مذهب معين.والشرح يحوي كنوزا وفوائد ودقائق، يتميز بها ابن عثيمين رحمه الله، إذ يعتني بالنصوص ويسهب في شرح الألفاظ والأقوال والأحكام بأسلوب تمتزج فيه الأحكام باللفتات الإيمانية والوقفات التربوية. فجاء بحق وافيا ممتعا.