السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة
محمد أبو شهبة
السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة
نبذة عن الكتاب

كتاب جامع في السيرة النبوية اعتمد فيه العلامة الأزهري حامل لواء السنة والدعوة على الكتاب والسنة مجانبا الموضوعات والإسرائيليات، ورتب الأحداث وفق التسلسل الزمني بأسلوب رصين، وذيلها ببعض الدروس والفوائد، واعتنى بالتشريعات في العصر المدني، ورد على المستشرقين وأذنابهم. وقد وقع مؤلفه الذي سماه "دراسة محررة جمعت بين أصالة القديم وجدة الحديث" في جزأين جعل لكل جزء منهما مقدمة، حيث يتناول الجزء الأول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي، ويشمل مقدمات تمهيدية لدراسة السيرة تشمل منهج المؤلف في هذه الدراسة، تاريخ التأليف في السيرة وأشهر كتبها، التأليف في السيرة في العصر الحاضر؛ ثم يعرض للسيرة حتى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أبواب؛ أولها يتناول موجزا لتاريخ العرب قبل الإسلام، الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولاة البيت وتاريخ مكة إلى مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، زواج عبد الله بآمنة. ويعرض الباب الثاني للحوادث من الميلاد إلى البعثة النبوية، والباب الثالث يتناول الحقبة من البعثة إلى الهجرة. أما القسم الثاني فتناول السيرة النبوية في العهد المدني، حيث ابتدأه المؤلف بالمقارنة بين عهدين: العهد المكي والعهد المدني، ثم بين منزلة المساجد في الإسلام، ثم ذكر وصول النبي إلى المدينة وبناءه المسجد، ثم تعرض لحالة المدينة السياسية والاجتماعية بعد الهجرة، ثم شرع في سرد الوقائع التفصيلية في السنة الأولى فالثانية وهكذا إلى السنة الحادية عشرة.والمؤلف قد وضع كتابه من منطلق أهمية السيرة وتعين دراستها على المسلمين، كما روي عن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما: كنا نعلّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نعلم السورة من القران. وليس المراد من دراسة السيرة العطرة - سيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وسير الرعيل الأول وهم الصحابة الكرام - أن تكون مادة علمية يجوز بها طلاب العلم في المعاهد والمدارس والجامعات الامتحان أو الحصول على الإجازات العلمية، أو أن تكون حصيلة علمية نتفيهق بها ونتشدّق في المحافل والنوادي وقاعات البحث والدرس وفي المساجد والمجامع كي نحظى بالذكر والثناء؛ ولكنا نريد من هذه الدراسة أن تكون مدرسة نتخرج فيها كما تخرج السادة الأولون وأن نكون مثلا صادقة لصاحب الرسالة صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام في إيمانهم وعقيدتهم وفي علمهم وعملهم وأخلاقهم وسلوكهم وسياستهم وقيادتهم، حتى يعتز بنا الإسلام كما اعتز بهم، ونكون في حاضرنا - كما كانوا - خير أمة أخرجت للناس.وقد أفصح المؤلف عن منهجه في بحثه هذا؛ حيث عني بذكر الآيات القرآنية المتعلقة بحوادث السيرة ووقائعها، وشرح ما غمض منها، وإزالة ما عسى أن يكون بين ظواهر هذه الآيات من توهم الاختلاف أو التعارض، وتنزيل هذه الايات على حسب الوقائع والحوادث. وارتأى - كما رأى ابن إسحاق ومن بعده ابن هشام - شرح الآيات في الموضوع الواحد شرحا موجزا ولا سيما في الغزوات: كالأحزاب، والحديبية، وبني النضير، وكما صنع في آيات الإفك. فالمرجع الأول في دراسة السيرة النبوية هو القرآن الكريم، فهو أوثق المصادر، وأولاها بالقبول. ثم عني بذكر الأحاديث المتصلة بالموضوعات التي عرض لها، فلم يذكر منها إلا ما هو صالح للاحتجاج من حديث صحيح أو حسن أو مقبول، مجانبا للأحاديث الموضوعة والإسرائيليات المكذوبة، أو الروايات الشديدة الضعف، إذ في الأحاديث الثابتة ما يغني عنها. وبعد القرآن والأحاديث الثابتة في الصحاح والسنن والمسانيد يأتي الاعتماد على كتب التاريخ والسير قديمها وحديثها، بعد البحث والتمحيص والتحقيق، والموازنة بين الروايات، والأخذ بما يصلح للاحتجاج منها وترك ما عداه، مم يصادم عقلا، أو يخالف نقلا متواترا أو صحيحا، أو يمس عصمة النبي صلّى الله عليه وسلّم، إلا إذا كان للرواية مخرج محتمل معقول، أو تأويل قريب مقبول، من غير تكلّف ولا تمحّل. وفي مقدمة كتب السّير كتاب شيخ كتّاب السير وإمام أهل المغازي محمد بن إسحاق، إلا إذا عارض روايته ما هو أصح منها كرواية صاحبي الصحيحين فإنها أرجح.ولم يقصر المؤلف دراسته في السيرة النبوية على السرد التاريخي فحسب، كما صنع معظم المتقدمين وبعض المتأخرين، ولا على التعليق على مواقف السيرة أو جلها مع إغفال الهيكل الأصلي، أو الجانب التاريخي كما صنع بعض المحدثين، وإنما جمع بين الحسنيين: الهيكل التاريخي مع تحرّي الحقيقة، والتعليق على المواقف، ولا سيما الحاسمة في تاريخ الدعوة، وانتزاع العبر النافعة، والدروس المفيدة منها.ثم إن المؤلف بين تهافت مذاهب المستشرقين، وبعض أتباعهم من كتاب السيرة من المسلمين الذين أنكروا المعجزات الحسية.ومما يميز الكتاب فوق ما سبق اعتناؤه بذكر التشريعات الإسلامية وتاريخها، وذكر النقول بنصها ما أمكن.