الاسم الموجود على الكتاب "المسند من مسائل أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل"، وذكره بهذا الاسم المؤلف في بداية الكتاب فقال: (أول كتاب المسند)، وقد ذكره حاجى خليفة، وبروكلمان، وفؤاد سزكين بهذا الاسم، وذكره الشيخ بكر أبو زيد بـ (المسند الجامع للمسائل عن الإمام أَحمد)، بينما ذكر بعض العلماء اسما آخر له، وهو السُنة، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبى. لم يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة يوضح فيها سبب تأليفه للكتاب، وإنما بدأه بقوله (أول كتاب المسند مايبتدأ به من طاعة الإمام وترك الخروج عليه وغير ذلك. لكن المؤلف أبان عن اهتمامه بعلم الإمام أحمد؛ لأنه "لم يكن في الدنيا مثله في زمانه أتبع منه للحديث، ولا أعلم منه بمعانيه". وأما قيمة الكتاب العلمية، فهو يعد من أهم الكتب المصنفة فى عقيدة أهل السنة والجماعة لعدة أمور منها: جمعه للنصوص من الأحاديث والاثار، وإسناده لها، وقد بلغ مجموع عدد الأحاديث والآثار الواردة بالكتاب 1852 حديثا وأثرا. كذلك اعتناؤه بأقوال الإمام أحمد بن حنبل خاصة، وغيره من السلف. قال الذهبي: "رحل إلى فارس وإلي الشام والجزيرة، يتطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه وأجوبته، وكتب عن الكبار والصغار حتى كتب عن تلامذته، وجمع فأوعي، ثم إنه صنف كتاب (الجامع في الفقه من كلام الإمام بأخبرنا وحدثنا) يكون عشرين مجلدا، وصنف (كتاب العلل) عن أحمد في ثلاث مجلدات، وألف كتاب (السنة وألفاظ أحمد والدليل على ذلك من الأحاديث) في ثلاث مجلدات، تدل على إمامته وسعة علمه، ولم يكن قبله للإمام مذهب مستقل، حتى تتبع هو نصوص أحمد، ودونها وبرهنها بعد الثلاث مائة، فرحمه الله تعالى". وقال أيضا: "وقد قال - أي الخلال - في كتاب أخلاق أحمد بن حنبل، لم يكن أحد علمت عُني بمسائل أبي عبد الله قط ما عنيت بها أنا، وكذلك كان أبو بكر المروزي رحمه الله يقول لي: إنه لم يُعْنَ أحد بمسائل أبي عبد الله ما عنيتَ بها أنت، إلا رجل بمهدان يقال له (مَتُّوْيَه) واسمه محمد بن أبي عبد الله جمع سبعين جزءا كبارا". وقال الخطيب البغدادي: "صرف عنايته إلى الجمع لعلوم أحمد بن حنبل، وطلبها، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، وصنفها كتبا، ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أجمع منه لذلك". ومنهجه في كتابه أنه يبدأ بذكر أقوال الإمام أحمد في الموضوع الذي يريد أن يتناوله، ثم يذكر مايؤكد أقواله من السنة من طريق أخرى، غير طريق الإمام أحمد. إذا لم يكن للإمام أحمد قول في الموضوع الذي يريد تناوله فإنه يأتي بأقوال العلماء في عصره، أو أحاديث مسندة من طريقه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كمسألة المقام المحمود، ووفاة أبي بكر رضي الله عنه، ومرثية علي رضي الله عنه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وغيرها. وإذا لم يكن للخلال رأي فإنه يعلق على ماجاء في المسألة عن الإمام أحمد. يورد المؤلف أقوالا عديدة عن التابعين من أهل السنة كإسحاق بن راهوية، وسفيان والأوزاعي، وغيرهم، ويوردها بالأسانيد. وقد ظهر من المؤلف تعظيمه للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وآثار الصحابة والتابعين وتابعيهم. حاول المؤلف الاختصار في الحكاية عن الشيوخ، وذكر الأسانيد والروايات، خوفا من إطالة الكتاب. ذكر المؤلف بعض الفرق، وبوب لها أبوابا، ورد عليهم في بعض بدعهم، ومنها فرقة الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة، والجهمية. لقد اشتمل الكتاب على رأى أهل السنة والجماعة فى المسائل العقدية، وخاصة فيما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله، وهذه الموضوعات هى: الإمارة وما قيل فيها وتحريم الخروج على الأئمة وملازمة الجماعة. أحكام الخوارج وما يتعلق بهم. أحكام الخلافة وخلافة الأئمة الأربعة وذكر خلافة معاوية رضى الله عنهم. ذكر فضائل الصحابة. الرد على الروافض. الرد على القدرية. الرد على المرجئة فى الإيمان. بيان مقالة الجهمية فى القرآن والرد عليهم. وقد يؤخذ على الكتاب وجود بعض الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة. وترجيح المؤلف أن المقام المحمود هو جلوس النبي صلى الله عليه وسلم على العرش مع ربه. وعدم مراعاة الترتيب أحيانا. فمثلا بعد أن ذكر الموضوع الأول، طاعة الإمام وترك الخروج عليه، كان الموضوع الثاني، باب في العباس وولده، ثم الموضوع الثالث، باب في طاعة الإمام، وما يجب عليه للرعية.