يعد هذا الكتاب من أوائل ما صنف في زمن المتأخرين عن مسألة تمحيص القول بالإعجاز العلمي في القرآن. وقد دعا الباحثة وقتها إلى التصنيف في هذا الباب ما لاحظته من سعة التأليف فيه كما وكيفا رغم التعدد المحير لمواقف العلماء والباحثين حول مسألة قبول التفسير العلمي للقرآن أو رفضه مع عدم وقوف الباحثة على دراسة علمية مركزة في هذا الموضوع تحاول فرز الآراء وتنظيمها ومناقشة ما جاء فيها للترجيح بينها. وقد اعتمدت منهجية البحث على أمرين: الأول هو التماس صحة المعاني في الألفاظ القرآنية وذلك من خلال الاحتكام في الموضوع إلى القرآن وعلومه وإلى اللغة العربية بالاعتماد على الأمهات من كتب اللغة والتفسير وعلوم القرآن، أما الأمر الثاني فهو تقصي الروايات المتعلقة بالآيات. وينقسم البحث إلى قسمين رئيسيين: القسم الأول النظري ويرتكز على محاولة الإلمام بمواقف العلماء من التفسير العلمي للقرآن مع عرض الحجج المؤيدة وأصحابها كأبي حامد الغزالي وجلال الدين السيوطي وطنطاوي جوهري، وعرض الأدلة المعارضة وأصحابها كالشاطبي من المتقدمين والدكتور محمد كامل حسين والدكتور محمد أركون والدكتور عاطف أحمد من المتأخرين. ولم تقف الباحثة في هذا القسم على مجرد عرض آراء العلماء والمفسرين وإنما أعقبت ذلك بفصل عن تقييم ما جاء في المذاهب المذكورة منطلقة من حقيقة مفادها أن ما جاء في القرآن فهو حق لا مراء فيه إذ الإعجاز فيه يتمثل في عدم خضوع نصه إلى سلطان الزمن، وإنما تتفاوت تفسيرات البشر بين الصحة والبطلان في المسائل العلمية فلا ينبغي تطويع الآيات لإثبات اكتشاف تجريبي وإنما الإيمان أولا بصدق القرآن والاستئناس بحقائق العلم التي قد تصح أو تخطئ. أما القسم الثاني التطبيقي من البحث فهو يعتني بتفسير بعض المسائل العلمية وتحليل الآيات التي أوردتها مثل كروية الأرض، ودور الجبال في تثبيت الأرض، والبنان والبصمات. وجاء الفصل الأخير من هذا القسم عن اتسام المعاني القرآنية في الآيات القرآنية بصفتين هما الصدق والإعجاز؛ ويتمثل الصدق في الرؤية القرآنية الجديدة لعناصر الكون، أما الإعجاز فيتمثل في الأسبقية الزمنية في تصوير القرآن لحقائق الأشياء وفي معجزات الأنبياء وفي الإعجاز العلمي للقرآن.