أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراه للمؤلف. وقد اشتهر هذا الكتاب شهرة جعلته عمدة في هذا الموضوع، فقيمته الحقيقية في سبقه فهو أول كتاب يُكتب في مناهج المفسرين حتى إنه يكاد يكون كل من كتب بعده من المعاصرين في هذا الباب يستقي منه ويكثر الاستشهاد به أو يحاكيه في تقسيماته وتصنيفاته. يمتاز الكتاب بالشمول وحسن التقسيم والترتيب، حيث يتبع منهجا موحدا في صورة عناصر تكاد تكون ثابتة لكل تفسير مما دعا البعض أن يقوم بتلخيص الكتاب في صورة جداول مقارنة بين المفسرين المختلفين وتفاسيرهم. ومن هذه العناصر (التعريف بالمؤلف، التعريف بالتفسير وطريقة مؤلفه فيه، موقفه من المسائل الفقهية، موقفه من الإسرائيليات، اهتمامه بالمناسبات بين الآيات... وغير ذلك). كما أنه يذكر على كل عنصر أمثلة من هذا التفسير ليزداد الأمر جلاء، وكذلك ينوه على كلام المتقدمين إن وجد على هذا التفسير لا سيما ابن تيمية في مقدمته، كما ينوه على أهم المصادر التي كان يستقي منها المفسر وينقل عنها. ويعد المصنف أول من قسم التفاسير إلى تفسير بالمأثور وتفسير بالرأي وإن كان ذلك التقسيم غير حصري فالطبري على سبيل المثال تفسير بالمأثور وبالرأي معا. وبالجملة فإن لغة الكتاب سهلة ميسورة لكل أحد، لذا فإنه مرجع مهم لكل من يبتغي الوقوف على شيء في هذا الشأن. يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء؛ الجزء الأول خصص لكتب التفسير في المراحل الثلاثة التي ذكرها، التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، التفسير في عهد التابعين، ثم التفسير في عصور التدوين. أما الجزء الثاني فهو مخصص للفرق المخالفة لأهل السنة كالشيعة والباطنية والخوارج والصوفية والفلاسفة وغيرهم، تعريف مجمل بهم وبموقفهم من تفسير القرآن وأهم مراجعهم في ذلك. أما الجزء الثالث فهو عبارة عن نُقول وُجدت في أوراق المؤلف بعد وفاته ونشرها د محمد البلتاجي وهي نقول كان المصنف يجمعها بهدف تفنيد أراء الفرق الضالة من أمثال الشيعة والباطنية الذين يحاولون إخضاع النص القرآني لمذاهبهم الباطلة، وهذا كما يبدو كان تكميلا لبحثه المتعلق بالشيعة الاثنا عشرية والإسماعيلية. والكتاب مطبوع طبعات كثيرة بتحقيقات مختلفة، وهو مطبوع كذلك بحجم كتب الجيب، لذلك وجب مطالعته باستمرار للمبتدئ والمنتهي إذ لا غنى لطالب العلم أيا كان مستواه عنه، فهو واسطة العقد في هذا الباب، وعامة من كتب فيه بعده أفاد منه وعول عليه.