أصل هذا الكتاب منهج تدريسي استكتب معهد الإمام الشاطبي المصنف لتأليفه في مقرر أصول التفسير، حيث إن المعهد وجد مفردات هذه المادة القيمة منثورة في بطون الكتب وليس ثم كتاب منهجي يجمعها، مع وجود مسائل فيها يعوزها الجمع والتمثيل، وتفتقر إلى حسن الترتيب والتبويب، وتتطلب التأصيل والتحرير. ويهدف مقرر أصول التفسير -والذي تصدر الكتاب- إلى تعريف أصول التفسير وذكر تاريخها وتقدير جهود العلماء في خدمة هذا العلم وامتلاك مهارات التعامل مع المصادر المعتمدة في تفسير القرآن والتعرف على طرق التفسير وتعليل الاختلاف في تفسير القرآن وتوظيف قواعد التفسير في تفسير القرآن. وقد نهج المصنف في كتابه لم شتات هذا العلم، وترتيب مفرداته، وتحرير مسائله، وتوضيح أفكاره، وإخراجه في إطار علمي ميسر مع الحرص على ذكر الموضوعات الأساسية لهذا العلم، وتعزيزها بالأمثلة الموضحة خصوصا من تفسير الطبري، وتذييل كل مبحث بأنشطة إثرائية تتضمن قراءات مقترحة للتوسع والاستزادة في موضوع المبحث، وبحوث مقترحة للمتقدمين في هذا العلم. وقد قام مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بالمعهد برسم خرائط ذهنية تجمع شتات الموضوع وتقربها وتعين على تذكرها، ثم ختم كل مبحث بخلاصة تجمل مسائله وتجمع مهماته، وألحق بها أسئلة تقويمية تشتمل على أسئلة نظرية تعين على الفهم والتأمل، وأخرى تطبيقية تحث على إعمال العقل والدربة والبحث والاستنباط. وقد تضمنت مادة هذا الكتاب -كما رسمها المعهد لطلابه- خمسة فصول؛ الفصل الأول: أصول التفسير تعريفها وتاريخها وفيه مبحثان عن التعريف والتاريخ، والفصل الثاني عن مصادر التفسير وفيه مباحث خمسة وهي القرآن والسنة وأقوال السلف والإسرائيليات واللغة، والفصل الثالث عن طرق الوصول للتفسير وفيه ثلاثة مباحث هي النقل والاجتهاد والعلوم التي يحتاج إليها المفسر، والفصل الرابع عن الاختلاف في التفسير والإجماع عليه وفيه ثلاثة مباحث عن أسباب الاختلاف وأنواعه والإجماع في التفسير، ثم الفصل الخامس والأخير عن قواعد التفسير والترجيح وفيه مبحثان عن قواعد كل منهما. ومما يستفاد من الكتاب أن أصول التفسير هي المعيار لمعرفة صحيح الأقوال وباطلها، وأن تفسير السلف حجة وهذا لا يعني عدم الترجيح بين أقوالهم في حالة الاختلاف، وأن التفسير باللغة هو أكثر المصادر استعمالاً لأن كل آية تحتاج إلى تفسير لغوي، وأن الإسرائيات من مصادر التفسير لأن السلف استخدموها بل أجمعوا في مواضع على معنى مصدرها إسرائيلية، وأنه إذا كان في المعنى إجماع لم نحتج إلى الترجيح لأن الإجماع في نفسه لا يخالف، وإذا وقع الاختلاف في التفسير نعمل قواعد الترجيح حتى نختار القول المختار أو القول الصحيح ونرد الباطل.