أصل هذا الكتاب في طبعته الأولى كان مقتصرا على دراسة الأمثال في القرآن لاكتشاف منهج البيان القرآني في الأمثال حيث عمد المؤلف إلى التأمل في أصول الأمثال القرآنية وأقسامها وأغراضها وخصائصها، بعد أن تدبر كتب التفسير وعلوم البلاغة وما كتبه الكاتبون حول إعجاز القرآن البياني. ثم إن الكاتب لما رأى فرية العلمانيين الحداثيين بأن القرآن كتاب تشريع فقط دون الأدب الرفيع قام باستخراج طائفة من الصور الأدبية من القرآن وحللها تحليلا فكريا أدبيا وشرحها شرحا بيانيا بأسلوب معاصر، وأضافها إلى كتابه في الطبعة الثانية من كتابه، حيث ضم الموضوعين في قسمين منفصلين نظرا إلى التشابه العام والتداخل بيهما. وهو في دراسته الأدبية تلك في القرآن يعتمد على منهج الاستقراء والتحليل والتصنيف واستخلاص القواعد الكلية واكتشاف الخصائص، كما أنه لم يتقيد بمصطلحات علماء البيان وآثر الاستعمال القرآني واستخدام الألفاظ على وفق معانيها ودلالاتها العربية الأصيلة عن طريق الحقيقة أو عن طريق المجاز. وقد خصص المؤلف القسم الأول من هذا الكتاب لدراسة الأمثال في القرآن، وذلك في بابين؛ الباب الأول نظري في القواعد العامة للأمثال القرآنية من حيث أقسام الأمثال وأغراض ضرب المثل وخصائص الأمثال القرآنية. أما الباب الثاني فهو تطبيقات عامة على الأمثال القرآنية سواء ما كان منها من الفرائد (٢٨ مثلا) أو المكررات التي صارت بمثابة الحقائق، فجمع منها الأمثال الواردة تحت مقولات ثلاثة هي ما جاء حول الظلمة والنور (٩ نصوص)، وما جاء حول البصر والعمى والغشاوة والصمم والوقر والحياة والموت ونحو ذلك (٢٨ نصا)، وما جاء حول البيع والشراء والتجارة والربح والخسارة والقرض (١٧ نصا). وفي القسم الثاني من الكتاب تناول المصنف نماذج من الآيات التي يتجلى فيها أدب القرآن الرفيع مقترنة بشيء من التحليل الأدبي، وبلغت عدد النصوص التي جمعها عشرون صورة تحت كل منها الآيات المتعلقة بها. والكتاب بوجه عام تأملات من صاحب فكر صاف وعلم غزير؛ فالقارئ يملمح دقة التقسيمات التي يندر اجتماعها مع الأسلوب الشائق في الشرح والتحليل. وعادة ما لا يطيل المصنف في شرحه حتى لا يملُّ قارؤه، وهو يستعين بالتقسيمات العقلية حتى يكمل اتضاح الصورة. ولكن مما يلاحظ أيضا أن تلك التأملات الشخصية لم يصاحبها الاستئناس بكلام أهل التفسير على الآيات وإن كان الشرح مركزا على النواحي البيانية ولكن لا غنى عن شروح أهل الفن.