هذا الكتاب القيم من تأليف العلامة قاسم بن عبد الله القونوي المتوفى سنة ٩٧٨هـ، وهو من أهم كتب المؤلف حيث شرح فيه اصطلاحات الفقهاء في الكتب في مفاتح الأبواب والكتب معتمدا كتب فحول العلماء وآراءهم في الوصول إلى ما احتاج إليه الكتاب من تأويل الظواهر وتحليل البواطن. وبناء على ذلك، فهذا الكتاب يصنف تحت أصول الفقه، وقد عزم المؤلف على كتابته عندما وجد المصطلحات الفقهية يشوبها شيء من الصعوبة على غير العالم والمتبحر في هذا العلم الجليل. فصار الكتاب مرجعا للباحثين وطلاب العلم، يستعينون به على تمييز المتشابه من المصطلحات في أكثر من فن، وإزالة اللبس والغموض عن معضلات المسائل. أما الطبعة التي بين يدينا فهي من تحقيق الدكتور أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي الأستاذ المساعد بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة. وفي مقدمته لهذا الكتاب يذكر فضيلة الشيخ رحلته في التنقيب عن المؤلف الحقيقي لهذا الكتاب، والتسمية التي سماها المؤلف له، كما برهن على وقوع الخطأ في نسبة المخطوطة التي بين يديه "لمصنفك" بطريقة بحثية متقنة، إلى أن فتح الله عليه واهتدى إلى مخطوطة أخرى تعزز نظريته، فكان اكتشافه لتلك المخطوطة الأخرى ثمرات عديدة في تحقيقه لما في المخطوطة من زيادات وإضافات بديعة واسم المؤلف وعنوان الكتاب. وبالتحدث عن منهجية المؤلف في كتابه؛ فقد سلك المؤلف من حيث العرض والشكل مسلك الفقهاء، فرتب كتابه على أبواب الفقه فكان كالنسفي في كتابه (طلبة الطلبة)، وتابع المذهب الحنفي خاصة في العرض والترتيب، فجاء بمصطلحات المناكحات عقب التعريف بمصطلحات العبادات على عكس الشافعية والحنابلة فإنهم يذكرون المعاملات عقب العبادات. فيتكون الكتاب من المقدمة، ثم الأبواب الفقهية بالترتيب الذي ذكرنا على نفس طريقة الحنفية في تصنيف كتب الفقه بنفس ترتيب الأبواب والفصول، ثم تأتي الفهارس والمراجع في نهاية الكتاب. أما من حيث المنهجية العلمية التي سلكها المؤلف، فكان يبدأ بإيراد المعاني اللغوية للمصطلحات أولا على الأغلب، ويورد لها الشواهد القرآنية والنبوية، ثم يتبعه بالمصطلح من حيث معناه شرعا. وكان المؤلف يورد الأدلة على ما يثبته أو ينقله من المصطلحات، ويبدأ بمصطلح الباب أولا، ثم يثني بعرض لآراء المذاهب عرضا مجردا من غير ترجيح؛ وبهذا يختلف المؤلف عن غيره ممن ألفوا في المصطلحات، فكانوا يعنون بحد مصطلح الباب دون التطرق لآراء الفقهاء فيها أو عرض الخلافات الفقهية. كما اعتمد في مصنفه اعتمادا كبيرا على النقل، شأنه شأن الكثير من الأئمة المتأخرين. كما اشتمل الكتاب إلى جانب التعريف بالمصطلحات العديد من الفوائد واللطائف والتنبيهات مما يجعل اسم الكتاب مطابقا للمسمى. وقد انتقى المؤلف كتابه هذا من نخبة من كتب الفقه المشهورة بين الفقهاء عامة، وعند فقهاء الحنفية خاصة، وإلى جانبها العديد من الكتب اللغوية البارزة، بالإضافة إلى بعض كتب التفسير والحديث التي زين بها الكتاب، وتكاد الكتب التي نقل منها المؤلف تصل إلى بضع وخمسين كتابا ومصنفا، جمعها المحقق في مقدمته للكتاب، وأبرزها: كتاب الهداية شرح بداية المبتدي، والنهاية شرح الهداية، والمحيط البرهاني، والمبسوط، والاختيارات في الفقه، والصحاح، ومعالم التنزيل، وغيرها من الكتب القيمة.