أنوار التنزيل وأسرار التأويل
البيضاوي
أنوار التنزيل وأسرار التأويل
نبذة عن الكتاب

اعتمد المصنف في تفسيره هذا على ثلاثة كتب هي الكشاف للزمخشري، والتفسير الكبير للفخر الرازي، وتفسير الراغب الأصفهاني صاحب المفردات. وقد حرر البيضاوي هذه الكتب الثلاثة تحريرا بالغا وأضاف إليها مسائل مهمة إذ ضم لها بعض الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، وأعمل في تفسيره عقله ببعض النكت واللطائف والاستنباطات بأسلوب رائع وعبارة دقيقة. وقد اعتنى العلماء بهذا التفسير منذ تأليفه إلى اليوم، فصُنِّف عليه أكثر من ٣٠٠٠ حاشية! أشهرها حاشية شهاب الخفاجي. والسبب في ذلك أنه كان في عهد الدولة العثمانية يُشترط لمن يريد أن يتولى منصب المشيخة ومنصب التدريس في المدارس العالية في الدولة العثمانية أن يضع حاشية على تفسير البيضاوي ويُختبر فيها، لذلك أصبح يُدَرَّس من أقصى المشرق الإسلامي إلى أقصى المغرب في طنجة والمغرب إلى الأندلس إلى الحرمين الشريفين إلى الجزيرة العربية، ومن ثم يعد هذا الكتاب من أشهر الكتب التي خُدمت. وقد تميز تفسير البيضاوي بالعناية بالجوانب البلاغية في القرآن، والربط بين الآيات والمناسبات، وشرح غريب المفردات. واهتم البيضاوي أحيانا بذكر القراءات، وعرض للنحو بدون توسع، كما تعرض عند آيات الأحكام لبعض المسائل الفقهية باختصار مع الميل إلى تأييد مذهبه الشافعي، إضافة إلى الخوض في مباحث الكون والطبيعة عند عرض الآيات الكونية متأثرا بالرازي. ولكنه ضعيف في تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة. فتفسير البيضاوي عمدة ولا يستغني طالب العلم عن قراءته مع العلم بأن عليه الكثير من المؤاخذات فالبيضاوي أشعري جلد ومتكلم رغم انتقاده للزمخشري في اعتزالياته. ولئن رأى المتكلمون أن معرفة الله لا تكون إلا بالنظر والاستدلال فإن البيضاوي يرى أن معرفة الله واجبة عنده بالشرع خلافاً للمعتزلة الذين يرون وجوبها بالعقل؛ فقال في تفسيره للآية:{خلق الإنسان من علق}: "ولما كان أول الواجبات معرفة الله -سبحانه وتعالى- نزل أولاً ما يدل على وجوده وفرط قدرته وكمال حكمته". وقد سار البيضاوي في تعريفه للتوحيد على منهج المتكلمين الذين يرون معنى الواحد هو نفي التبعيض والتركيب والتعدد والتثنية ونفي الجسمية والجهة وغيرها من المصطلحات الكلامية؛ فقال في قوله تعالى :{قل هو الله أحد}: "إذا الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد، وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية". والإيمان عند البيضاوي -رحمه الله- هو التصديق القلبي فقط، وأن الأعمال خارجة عن مسمى الإيمان لأنها معطوفة عليه، والعطف يقتضي التغاير، وهذا هو مذهب الأشاعرة.