هذا الكتاب صغير الحجم يعد وسطا بين أبحاث تناولت موضوع الخلاف في التفسير من حيث النشأة والتطور والأنواع والأسباب والأمثلة، وأخرى تناولت الخلاف في التفسير في آيات الأحكام أو في بعض الآيات خصوصا، فجاء هذا الكتاب محددا في الحديث عن أسباب اختلاف المفسرين. وكان الدافع إلى كتابة المصنف في هذا الباب ندرة التأليف في أسباب اختلاف المفسرين استقلالا، مع وجود بعض الإشارات والعبارات والأمثلة في بعض مقدمات التفاسير وكتب علوم القرآن، ثم إن بعضا من الباحثين المعاصرين أحس بأهمية الموضوع في استقراء أمثلته واستقصاء أسبابه وإداراك آثاره فكتبوا في ذلك. وقد كان من منهج البحث أن اجتهد المصنف في حصر أسباب اختلاف المفسرين مع وضع مثالين أو أكثر تحت كل سبب ليدلل عليه. وهذه الأسباب هي: اختلاف القراءات في الآيات، وما يتعلق بحديث النبي بلوغا أو ثبوتا أو فهما، واحتمال الإحكام أو النسخ، واحتمال العموم أو الخصوص، واحتمال الإطلاق أو التقييد، واحتمال اللفظ تعدد المعاني لا على سبيل الاشتراك، وإجمال اللفظ، والاختلاف في وجوه الإعراب، والاختلاف في مرجع الضمير، والاشتراك اللفظي، واحتمال الكلام التقديم والتأخير وتقدير إعادة الترتيب، واحتمال وجود حذف واحتياج الكلام إلى تقدير المحذوف، واحتمال كون الكلمة صلة في سياق الكلام، والاختلاف في الاستثناء في نوعه وعوده، والاختلاف في معاني الحروف، وإغفال دلالة سياق الآية، والتعصب المذهبي، والاختلاف العقدي، واختلاف المفسرين في مفهوم عصمة الأنبياء. وعلى الرغم من سهولة اللغة التي كُتب بها الكتاب وصغر حجمه إلا أن التفريعات التي بنى عليها المصنف أسباب اختلاف المفسرين بلغت حدا من الكثرة غير موجود في غيره من الكتب. ويرجع ذلك إلى عدم الجمع بين المتماثلات في الباب الواحد؛ فإن الاختلاف في الإطلاق والتقييد والعموم والخصوص والحقيقة والمجاز مرجعه إلى الاختلاف في دلالات الألفاظ؛ فلا داعي من التوسع في التقسيم. ولكن المفيد هو جمع أكثر من مثال تحت كل سبب من أسباب اختلاف المفسرين. وعلى الرغم من كثرة المراجع إلا أن هناك فقرا في الأحاديث والتخريج الحديثي مما يستلزم لفت النظر إليه.