أصل هذا الكتاب رسالة نال بها الباحث درجة الدكتوراه بقسم العقيدة بجامعة المجمعة بالسعودية. ويهدف البحث إلى دفع ورفع الإشكال المتوهَّم في آيات القرآن العقدية. ومما دفع المؤلف إلى اختيار هذا الموضوع كثرة أسئلة المستفسرين عما يُتوهَّم إشكاله من دلالات الكتاب لا سيما ما يتعلق بأمور العقيدة، مما أكد الحاجة إلى بيانه وكشفه، وكذلك فقد كثر الطاعنون والمتبعون للمتشابه مما استلزم الدفاع عن كتاب الله ضد تشكيك الأعداء وشبهاتهم. وقد كُتِب في هذا الموضوع رسائل علمية كـ"دفع إيهام التعارض عن الآيات الواردة في الإيمان بالرسل والقدر" لخالد الدميجي، و"آيات العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه" لحياة المحمدي، و"آيات العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في مسائل الإيمان بالله واليوم الآخر" لحنان العمري و"مسالك أهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة" لعبد الرزاق بن طاهر معاش. إلا أن الباحث اهتم هنا بالجانب التطبيقي، مما جعله يسلك منهجين أساسيين في بحثه هما: المنهج الاستقرائي؛ وذلك بتتبع الآيات التي يُتوهَّم إشكالها، ثم ترتيبها وتقسيمها حسب خطة البحث. وكذا المنهج التحليلي من خلال تحليل معاني النصوص وفقا لأقوال أهل العلم وتوجيهاتهم في دفع الإشكال المتوهَّم ثم الترجيح بين تلك الأقوال. وقد درس الآيات المتوهَّم إشكالها بآلية مطردة هي بيان وجه الإشكال في الآية، ثم أقوال أهل العلم في هذا الإشكال، ثم الترجيح. هذا مع عزو الآيات وتخريج الأحاديث والاكتفاء بمحل الشاهد من أقوال أهل العلم. وقد جاء الكتاب في عشرة فصول إضافة إلى تمهيد عن معنى المشكِل وعلاقته بالمحكم والمتشابه في القرآن. أما الفصول فقد جاءت في محاور العقيدة وهي الأسماء والصفات، والألوهية، والملائكة، والكتب، والرسل، والقدر، واليوم الآخر، والإيمان، والولاء والبراء، والأسماء والأحكام. فيجمع المصنف تحت كل فصل مباحث الآيات التي تتعلق به، ويسير على المنهجية الثلاثية المذكورة في المطالب. والقارئ يلمس الحس الأكاديمي المتورع خلال قراءته لتحليلات المصنف؛ فهو يكثر من النقول ويدقق في موضع الشاهد ثم يرجح بتأنٍّ بعد الجمع المتوسع ويفصح عن رأيه بوضوح حتى يزيل الغبش في الفهم. ومن هنا فقد أحسن الكاتب عرض مادته إلا أن الصبغة العلمية المطروحة وإن كانت ملائمة للموضوع ولكن على القارئ أن يتحلى بالصبر دون الشعور بالملل وهو يطالع ذات المنهجية المطردة في كل مطالب الكتاب إذ إن الباحث لا يتخلف عنها طوال الفصول.