أصل هذا الكتاب رسالة ماجيستر تقدم بها الباحث لقسم الفقه بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وقد أجيزت بتقدير امتياز. وهو وإن لم يكن من النوازل بحد ذاته، إلا إن ما حفّه من صور معاصرة متنوعة ومتشعبة جعلت منه نازلة يضطرإليها الكثير من المسلمين أفرادا ومؤسسات، إضافة إلى ما شابه من تفريعات وتشابكات اختلطت على الكثير من الناس، الأمر الذي أدى إلى غبش وتخبط في كثير من هذه الصور، فجاء هذا الكتاب ليفند ويفصل من أجل الوصول للحكم الأقرب للصواب، كي يكون مرجعا لمن يبتغ الالتزام بحكم الشارع الحكيم، لا سيما مع اشتباه كثير من الصور بالبيعتين في بيعة وبيع العينة، إضافة إلى ما فيها من نَساء وفضل مما قد يلتبس بربا النسيئة والفضل. وقد تضمن الكتاب مقدمة وتمهيدا وثلاثة فصول وتتمة وخاتمة؛ أما المقدمة فتناول فيها سبب التأليف وأهمية الموضوع وخطره، ومنهجيته في البحث. أما التمهيد فتناول فيه التعريف الخاص بمصطلحي البيع والتقسيط. وفي الفصل الأول تناول الشروط الخاصة ببيع التقسيط، ومهد لذلك بشروط البيع عامة ثم أردفها بثلاثة أصناف من الشروط؛ الأول: ما يتعلق بأحد العاقدين، والثاني: ما يتعلق بالعوض، والثالث: ما يتعلق بالأجل. أما الفصل الثاني فقد تناول الصور المتنوعة لتأثر الثمن بالتقسيط من حيث؛ زيادته بالأجل أو الحط منه مع التعجيل أو زيادته لتأخر الأداء. وفي الفصل الثالث والأخير تحدث عن الآثار المترتبة على بيع التقسيط من مثل لزوم الأجل والعوارض التي تطرأ على ذمة أحد المتعاقدين من موت أو جنون أو حجر، وانتقال ملكية المبيع للمشتري، والمواعدة. وفي التتمة ذكر أنموذجين تطبيقيين على بيع التقسيط في شركتين من أكبر الشركات التي تتعامل بهذا النظام في السعودية وهما شركة الراجحي المصرفية والشركة المتحدة إحدى شركات عبد اللطيف الجميل؛ حيث أتي على بنود هذا التعاقد في الشركتين مفندا ما فيهما من مراحل وأركان، مسقطا ذلك على الحدود الشرعية والتي أفاض في ذكرها وبيان حكمها في ما قبل هذه التتمة، موضحا ما يجوز وما لا يجوز من ذلك، إضافة إلى توصيات بتعديل بعض البنود لتصير ملائمة للشرع، وألحق بالخاتمة صورا من نماذج هذه العقود في الشركتين، ولا شك أن ذكر هذا الأنموذج التطبيقي هو أمر في غاية الأهمية إذ قد لا يتفطن إلى مثل هذا من قد يكون درس الحدود الشرعية لكن لا يستطيع إسقاطها على العقود المعاصرة؛ الأمر الذي أضاف للكتاب مزية ليست لغيره ممن تناول هذا الموضوع. وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث بشكل مركز في خمس عشرة نقطة. ويتميز الكتاب بحسن الترتيب والتقسيم لموضوعات الكتاب، وضم كل نظير إلى نظيره، إضافة إلى ما يتميز به من عرض لمسائل الخلاف سواء منها القديمة أو المعاصرة تبعا لمنهج واحد - ذكره في مقدمته – وهي حكاية الخلاف مستدلا لكل قول بالدليل المحتج به، مرتبا حكاية الأقوال تبعا للترتيب الزمني للمذهب فالحنفي أولا ثم المالكي وهكذا وذكر أيضا المذهب الظاهري، ثم يرجح بعد حكاية الأقوال كلها. والكتاب لغته سهلة، وقد أحسن في تصوير المسائل وإيضاحها. ولم يطل في العزو إلى المصادر أو الآيات والأحاديث إلا بما يقتضيه السياق دون الإسهاب في ذلك حتى لا يخرج عن مقصود الترجمة، كما أضاف تراجم مختصرة للأعلام الواردة في ثنايا الكتاب ولم يفصل فيها. وقد أشار إلى وجود فهرس للأعلام ولعله لم يلحق بهذه الطبعة. والكتاب يعد إضافة للمكتبة الإسلامية، حيث جمع فيه مسائل كثيرة قد تشتت في مباحث كثيرة في كتب الفقه وكذا العديد من المؤتمرات والندوات وقرارات المجامع الفقهية.