هذا الكتاب القيم من تأليف الحافظ ابن حجر العسقلاني المحدث الفقيه القاضي، صاحب "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، وحققه الشيخ طارق عوض الله محمد أبو معاذ، الحاصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من دار العلوم بجامعة القاهرة. وللشيخ العديد من المؤلفات والتحقيقات النفيسة مثل لغة المحدث والمدخل إلى علوم الحديث للمبتدئين وتحقيق نيل الأوطار وغير ذلك. وتعتبر تلك الطبعة التي بين يدينا من كتاب بلوغ المرام من أجود طبعات ذلك الكتاب القيم. ويهدف المؤلف من هذا الكتاب إلى جمع الأصول الحديثية للأحكام الشرعية، ليكون الكتاب مدخلا للطالب المبتدئ يستعين به، واستزادة لمن بلغ درجات عالية في ذلك العلم الجليل. فجمع في هذا الكتاب ما يقارب ١٥٩٦ حديثا، ويعد بذلك من أهم كتب الأحكام على الإطلاق، كما أن جميع الأحاديث التي تم جمعها في الكتاب كانت مصدرا لأحكام الفقه الإسلامي. وأصل المؤلف في هذا الكتاب ومصدره هو كتب أئمة الحديث المشهورة، وهم الأئمة السبعة؛ البخاري ومسلم وابن ماجة والترمذي وأبو داود والنسائي والإمام أحمد. كما يقارن بين نسخ الأحاديث المختلفة، ويرجح بينها، فقد اهتم ابن حجر بتوضيح درجة الحديث من حيث الصحة والضعف، وكثيرا ما كان يصدر الباب الذي يتناوله بما في الصحيحين أو أحدهما، وإذا كان للحديث متابعات أو شواهد أشار إليها. كما سلك المؤلف نهج أئمة الفقه في ترتيب مصنفه، حيث بدأ كتابه كعادة المتقدمين بالطهارة ثم الصلاة ثم الجنائز ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم البيوع ثم النكاح ثم الجنايات ثم الحدود ثم الجهاد ثم الأطعمة وجعل آخره بابا جامعا سماه الجامع في الآداب حيث ضمنه نخبة طيبة من الأحاديث في الأخلاق والسلوك والذكر والدعاء. وللكتاب العديد من الشروح، لما كان للكتاب من أهمية كبيرة، وأبرز تلك الشروح البدر التمام في شرح بلوغ المرام للشيخ القاضي الحسين بن محمد المغربي، وكتاب سبل السلام في شرح بلوغ المرام للشيخ محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، وغيرها من الشروحات الوافية. كما قام بتحقيقه العديد من العلماء والمؤلفين، فاهتموا بالتحقق من نسبة النسخة للمؤلف وتخريج الأحاديث والحكم عليها من حيث الصحة والضعف ووضع الفهارس وما إلى ذلك. كما وقف بعض المحققين على عدد من الأخطاء في الكتاب وعملوا على تصحيحها، كأخطاء التخريج وإهمال المؤلف للتنبيه على أمور معينة في بعض الأحاديث واقتصار المؤلف على الأهم وتركه ما هو مهم أيضا وأخطاء العزو وغير ذلك، وقد يكون مما يؤخذ على المؤلف أيضا إدراجه لجميع الأحاديث المتعلقة بالباب، مع بيان الضعيف منها، على عكس كتاب الإلمام لابن دقيق حيث اشترط مؤلفه ألا يدرج إلا ما صح.