بحث ألفه المصنف لبيان منهج أهل السنة والجماعة في قضية تكفير المعين، وكما يظهر من العنوان أنه اقتصر في أغلب استشهاداته على نصوص ابن تيمية رحمه الله والشيخ محمد بن عبد الوهاب خاصة وعلماء نجد عامة، وقد أوضح المصنف أنه يقصد إلى بيان منهجهم لعلو كعبهم في فهم مثل هذه القضية الخطيرة والتي كانت مزلة قدم لكثير من العلماء والجماعات؛ أدى الانحراف في فهمها إلى انحراف خطير في تطبيقها بين إفراط وتفريط، إضافة على الغبش الذي ظل مخيما على مثل هذه القضية - حتى ادعى بعض المعاصرين أن الورع عدم التكفير ولو اجتمعت شروط التكفير كلها! - رغم أنه حكم شرعي لا بد من اقتفاء منهج السلف فيه والذي هو بيّنٌ جلي، يمكن أن يستفاد من مجموع أقوالهم وإسقاط كل نقل من نقولهم على الملابسات التي يتناولها حتى يظهر وجه الحق في المسألة، وإلحاق كل نظير بنظيره. وقد قسم الكتاب إلى مقدمة وسبعة أبواب وخاتمة، تناول في المقدمة أهمية البحث والأسباب التي دعته إلى التصنيف فيه وكذا خطة البحث وما اشتملته من أبواب وفصول. وفي الباب الأول ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وللشيخ محمد بن عبد الوهاب ترجمة موجزة تناول فيها أهم المحطات التي مر بها هذان الإمامان الجليلان. وفي الباب الثاني تناول شروط التكفير في أربعة فصول؛ قيام الحجة، الفرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية، القصد ومعناه، ثم التفصيل في الفرق بين التكفير المطلق والتكفير الخفي. ويلاحظ اهتمامه في هذا الباب بتحرير مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب نظرا لاستدلال بعض المعاصرين ببعض نصوص الشيخ على أنه لا يكفر المعين، فحشد من نصوص الشيخ ومن نصوص علماء الدعوة النجدية – والذين هم أثبت الناس في فهم كلام الشيخ - ما يبطل هذا الادعاء. أما الباب الثالث فقد تناول فيه أحوال كفر المعين وذلك في ثلاثة فصول، ذكر في الفصل الأول الحالات التي يكفر فيها المعين، ثم في الثاني ذكر نصوص علماء الدعوة في حكم تكفير المعين ثم ختم بذكر نماذج تطبيقية من علماء الدعوة كفروا فيها المعين. وفي الباب الرابع تناول حقيقة منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتبرئته من التهم الجزافية التي رمي بها لا سيما التكفير بالعموم. وفي الباب الخامس والسادس تكلم عن أهم المكفرات التي نص عليها علماء الدعوة وابن تيمية والمتعلقة بالنسك والشعائر وكذا المتعلقة بالحكم بغير ما أنزل الله ثم المتعلقة الموالاة وقد قدم في الباب الخامس نصوص علماء الدعوة وأوضح أنهم تميزوا بالتفصيل في هذه القضايا نظرا لما عمت به البلوى من الأعمال الشركية في عصرهم، وقد تصدى لهم مناوؤهم والذين أنكروا أن تكون مثل هذه الأعمال الشركية مكفرة، ففصلوا وبينوا وأفردوا كثيرا من هذه الأعمال بالتأليف والتصنيف دفاعا عن جناب التوحيد. وختم بالباب السابع بذكر أشهر الفرق الباطنية والتي كفرها العلماء وهم الإسماعيلية والدروز والنصيرية والقرامطة، وفي الخاتمة لخص بشكل مركز أهم نتائج البحث. ويعد منهج الكاتب منهجا متميزا في العرض حيث يذكر في بداية الفصل ملخص المسألة والمعنى الذي يريد، ثم يورد النصوص من كلام ابن تيمية رحمه الله ثم يتبعه بكلام علماء نجد وفي مقدمتهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو في كل ذلك يضع أرقاما تسلسلية قبل كل نص بغية حسن العرض ومن جهة أخرى تعداد النصوص المتضافرة حول المعنى المستدَل عليه، ثم يختم الفصل بخلاصة أخرى مركزة. وفي بعض الأحايين القليلة يأتي بنصوص بعض علماء المذاهب حيثما يقتضي السياق كما ذكر أقوال علماء الحنفية في الأعمال المكفرة حتى وإن لم يقصد صاحبها الكفر وكما أورد نماذج من نصوص العلماء على تكفيرهم أشخاصا بأعينهم. ويظهر في الكتاب روح التصدي لرأي مخالف وشبه ادعاها البعض؛ كون ابن تيمية أو الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يكفرا المعين مطلقا أو أن الشيخ محمد يكفر بالعموم، وما أشبه ذلك ولعل هذا الأمر ينتقص من قدر الكتاب حيث جاء وصف المخالف بأنه جاهل وأن علماء الدعوة هم أقدر الناس على فهم كلام ابن تيمية وأمثال ذلك مما أخرج الكتاب عن عمومه وحصره في دائرة الرد على من زعم كذا أو ادعي على علماء نجد كذا وما أشبه ذلك، ولعل الأفضل ذكر الحق وإلحاق مثل هذه الاعتراضات في الهامش أو في آخر الفصل من باب التنبيه بحيث لا تأخذ أكبر مما تستحق وكأن الكتاب ما صنف إلا لأجل ذلك. كما أن عنوان الكتاب وعناوين الفصول والأبواب قد ألحق بها كلها (عند شيخ الإسلام) أو (عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب) وهو أمر غير لازم فهذا هو الحق الذي عليه أهل السنة ويمكن أن نستشهد لذلك بنصوص من الكتاب والسنة وكلام العلماء على اختلافهم. وكذلك يلاحظ كثرة ما في الكتاب من تكرار سواء للنصوص أو الأحكام والضوابط.