تعد هذه الدراسات أحد مؤلفين مهمين للمفكر الداعية السوري المعروف، الذي ينسب إليه تيار من الدعاة في تاريخ الحركة الإسلامية المعاصر، وهو البحث التالي لكتابه الأول "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله". والكتاب في الأصل بحوث في السيرة النبوية نشرت على شكل حلقات متسلسلة في عامي 1394-1395، هدف من نشرها إلى أن يطلع عليها أهل العلم والمعرفة ليستفيد من نصحهم قبل جمعها في كتاب. وقد بين المؤلف الحاجة إلى مزيد بحوث في السيرة في كتابه الأول "منهج الأنبياء" تحت عنوان: لماذا منهج الأنبياء؟ حيث حذر هنالك من خطورة تقليد الرجال وبين الأسباب التي توجب التمسك بمنهج الأنبياء وعلى رأسهم خاتم الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ثم امتد الحديث في هذا الكتاب ضمن قسمين كبيرين: القسم الأول يسلط فيه الضوء على العالم الإسلامي اليوم والعالم بعامة مقارنة بالعالم قبل البعثة، وهو الباب الأول من الكتاب المعنون "ما أشبه الليلة بالبارحة"، ثم يبين "منهج خير القرون في كتابة السيرة النبوية" في الباب الثاني من القسم الأول. وعنون كاتبنا القسم الثاني من دراسته "السيرة النبوية في كتابات أصحاب المناهج المنحرفة"، حيث يتحدث في أبواب ثلاثة على المستشرقين، ودعاة التغريب، والمدرسة الإصلاحية. والمؤلف في دراسته تكلم على ما تعانيه البشرية اليوم من ضياع وتفسخ وانهيار، وعن فساد العقائد والتصورات المعاصرة، وبين أوجه الشبه بين أحوال العالم قبل البعثة وأحوال عالمنا المعاصر، وأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ونقل طائفة من أقوال ومؤلفات كبار الساسة والعلماء الغربيين والشيوعيين الذين يشهدون على فشل النظامين الرأسمالي والشيوعي ويبحثون عن منقذ للبشرية من الدمار. أما باب "منهج رجال خير القرون" فقد أراد المؤلف من ورائه أن يبين سلامة منهج علماء الحديث والسيرة في جمع مرويات السيرة وتدوينها، وأن يبين فساد مناهج المستشرقين ودعاة التغريب وزعماء المدرسة الإصلاحية، ثم إقرارا منه – رحمه الله – بالتزامه هذا المنهج في كل ما كتبه وما سيكتبه عن السيرة النبوية ومنهج الأنبياء.والمؤلف – في سلاسة أسلوب وطريقة علمية - ينطلق من هوية إسلامية أصيلة، ويسلك منهجا وسطا محققا في بيان المناهج المنحرفة، ويفصل القول في الكلام على أصحابها على تباين درجة انحرافهم، من أمثال بروكلمان وأرنولد وجورجي زيدان وطه حسين والأفغاني ومحمد عبده وحسين هيكل والشرقاوي وخلف الله وهاشم الحسيني والغزالي وسيد قطب وغيرهم، رغم كون بعض من ذكرنا ممن دعوا إلى الإسلام وجاهدوا في سبيله.