دراسات في الحضارة العربية الإسلامية - استراتيجية الرصد ومنهجية التطبيق
غيداء خزنة كاتبي
دراسات في الحضارة العربية الإسلامية - استراتيجية الرصد ومنهجية التطبيق
نبذة عن الكتاب

يعد هذا الكتاب للأستاذة الدكتورة غيداء عادل خزنة كاتبي، رئيسة قسم التاريخ ثم عميدة كلية الآداب بالجامعة الأردنية، من الكتب المؤلفة حديثا عن الحضارة الإسلامية، إلا أن بعض الدراسات التي ألفت في العقود السابقة لا زالت متميزة عنه بالأصالة والرصانة. وقد اشتملت الدراسة على مقدمة وفصول: الأول يدور حول نتاج العلوم التطبيقية (معاينة في المصادر الطبية الإسلامية)، والثاني حول جهود الحضارة الإسلامية في بناء الفرد - تمكين المرأة (دراسة مقارنة في الوثائق التاريخية)، والثالث حول الهوية الحضارية في المصادر العربية الإسلامية (أساليب الحفاظ على الموروث اللغوي)، والرابع حول الفكر السياسي في الحضارة العربية الإسلامية (بين رجالات الدولة وفقهاء الإصلاح)، والخامس هو خطوات نحو عمل مادة موسوعية (مظاهر من الحضارة العربية الإسلامية في العصر العباسي)، والسادس والأخير (نحو نصف الكتاب المتبقي) حول جهود أكاديمية متصلة بالحضارة العربية الإسلامية (نماذج من وثائق أرشيفية توثق جانبا من مسيرة المؤلفة الأكاديمية والإدارية في الجامعة الأردنية)، وهي سلسلة أوراق بحثية متفرقة للكاتبة. وقد أوضحت الكاتبة أن مدخل هذه الدراسة كون مكانة الأمم الحضارية تتحدد بقدر العطاء والنتاج الفكري الذي تقدمه للإنسانية، وبمستوى هذا النتاج ودوره في تغيير الأداء العام لسلوك الفرد في الحضارات، والاتجاه به نحو نشر القيم الإيجابية وتقديم كل ما هو مفيد، مما يمكّننا من الحكم على الأمة أيا كانت، بأنها "أمة حضارية ذات بناء وبذل غير محدود". وإن تتبّع المسار الحضاري العربي - الإسلامي ضمن مسار الحضارات الإنسانية يُظهر بأنه يعكس حضارة ذات بعد نهضوي شمولي أغدقت في منح الحضارات الإنسانية عامة، بما صقل عقل الإنسان فيها وفتح أمامه الآفاق لتفعيل نشاطه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة. وقد جاءت هذه الدراسة للتركيز على محورين في الحضارة العربية الإسلامية: المحور الأول ويتصل بالجانب النظري والتطبيقي لجهود المفكرين من أبنائها في مختلف المجالات، وإظهار هذه الجهود بالوقوف على مستوى الفكر الحضاري الوارد فيها مقارنة بغيرها من الحضارات الإنسانية، والمحور الثاني تناول آلية نشر الثقافة الحضارية والاستفادة من الموروث الحضاري في العصر الحديث الذي يغلب عليه ظاهرة العولمة والتبادل الثقافي. وقد تضمن البحث نماذج تطبيقية متنوعة من خلال كلمات قدمت في العديد من الندوات وورشات العمل المتعلقة بالنتاج الحضاري الإسلامي، أو من خلال خطط قدمت لتفعيل المساقات الأكاديمية المعنية مباشرة بالحضارة العربية الإسلامية.ويعيب الكتاب الأسلوب المتسم بالغرابة وعدم الوضوح مع الركاكة في كثير من الأحيان، ناهيك عن اللحن وكثرة الأخطاء بالرغم من تنبيه البحث في مواضع على اعتناء العلماء بصيانة اللسان العربي عن اللحن. وقد كان يمكنها اللجوء للسهولة والبساطة واختيار العبارات الواضحة المعبرة عن المعنى المقصود بلا تكلف، وأول ما يطالعنا ذلك في عنوان البحث "استراتيجية الرصد ومنهجية التطبيق"، فلم نتبين ما هي الاستراتيجية في الرصد التي جعلتها الكاتبة من ميزات هذا البحث؟ ولا منهجية التطبيق كذلك. ومن الأمثلة على غرابة الأسلوب قولها في ذكر مظاهر من الحضارة في العصر العباسي: "وينبغي التنبه إلى مسألة بحثية أساسية تتصل بطبيعة الرصد والتحليل المتعلقة بالحضارة العربية الإسلامية، وهي أن النتاج المعرفي الهائل يسير جنبا إلى جنب مع المظاهر الفكرية السياسية القائمة على عقلية ادارية اجرائية تهتم بتسيير الأداء السياسي بشقيه الداخلي والخارجي، والتي برز فيها كما هو معلوم قدرة وحنكة تتصف بها الإدارة الإسلامية وتعيها الأمة التي ساهمت في تطبيق العديد من الإجراءات، إلى جانب دورها في توجيه هذه الإدارة من خلال اساليب متعددة.." إلخ ما كتبت. وفي نفس الفصل تقول: "تقسم العلوم إلى قسمين من حيث طريق المعرفة أو مصدرها، علوم يهتدي إليها الإنسان بفكره وبالبحث والاطلاع مثل العلوم الإنسانية بما فيها الفلسفة والحكمة (!)، وعلوم يستند في معرفتها إلى الخبر الذي يضعه المشرع ولا مجال للعقل فيه، مثل القرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح.." إلخ، على الرغم من أن عوام المسلمين يعلمون أن الوحي جاء بالحق الذي هو نقيض ما أنتجته العقول من الفلسفة والحكمة بمعزل عنه!لقد جانبت المؤلفة السبيل المنهجية القويمة لدراسة الحضارة الإسلامية المتبعة في الدراسات السابقة لعلمائنا ومؤرخينا، فلم تذكر أسس هذه الحضارة ولا مصادرها ولا مجاليها الرئيسة التي درج الباحثون على دراستها (مثل النظام الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي، الحسبة..)، كما لم تربط الحضارة بأصلها الراسخ وهو نور الوحي والتشريع في الدولة الأولى والمجتمع الأول المهتدي بنور الوحي والتشريع، ولا أبرزت أثر هذه الحضارة في النهضة الأوربية (رغم عنونتها قريبا من ذلك). بل حتى لما أفردت النظام السياسي في فصل مستقل ذكرت أن أبرز من يمثل لنا التاريخ السياسي الإسلامي هما شخصان (!): الوزير نظام الملك، وأبو حامد الغزالي. وحين أفردت فصلا للجهود الحضارية في الحفاظ على اللغة كانت النقولات والشواهد عامة في طلب العلم وطلاب العلم والعلماء والنهضة العلمية الحضارية، ولم يكن الهدف من هذا كله حفظ الموروث اللغوي كما ذكرت المؤلفة بل ثمة قيم أهم وهي حفظ الرسالة والهوية والشريعة والعلم ونحو ذلك، واللغة وسيلة أو آلة. ومن الغرائب أيضا وضع مقدمة وخاتمة لكل فصل رغم صغر حجمه نسبيا. وبالرغم من الحديث عن الهوية إلا أن العبارات في الكتاب جوفاء خالية من الاعتزاز بالحضارة الإسلامية، فهي دائما ما تذكر الحضارة الإسلامية كواحدة من ضمن الحضارات الإنسانية، بل حتى في الفصل الخاص بالمرأة نجد الحديث مطولا عن حقوق المرأة التي تشيد بها لدى البابليين والآشوريين واليونان والرومان والعرب في جاهليتهم (!) والتتار في قانونهم الياسا (!). وعموما فالكتاب يحوي أمثلة لعظمة الحضارة الإسلامية لكنها لا ترقى للوصف الذي تختم به المؤلفة أحد فصولها قائلة: "بعد الرصد الدقيق للنتاج الحضاري العلمي والإنساني في الحضارة العربية..". وأخيرا فإن كثيرا من "الوثائق" التي أوردتها الباحثة في النصف الثاني من الكتاب لا ترقى للمستوى المطلوب، ومنها وثيقة تشيد فيها بجهود أخيها "موفق خزنة كاتبي" وهو طبيب عام له كتابات، وهو أيضا من قدم لها الكتاب بتقريظه.