الكتاب الجامعي لمؤلفه أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ورئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، هو كتاب يعرض تاريخ مصر منذ الفتح العثماني حتى الاحتلال البريطاني لمصر (1517-1882م). وقد أهداه إلى أستاذه د. عمر عبد العزيز عمر مؤسس مدرسة التاريخ العثماني بالجامعة. ويقع الكتاب في تسعة فصول؛ حيث يتناول الفصل الأول دراسة لبعض مصادر تاريخ مصر العثمانية، سواء المنشورة وغير المنشورة، ومراجعها؛ والثاني يتعرض للفتح العثماني لمصر ونتائجه؛ والثالث جهود الأتراك العثمانيين في التنظيم الإداري لمصر العثمانية، وكيف أنهم استفادوا من التقسيم الإداري السابق على مجيئهم؛ والرابع تطرق إلى نموذجين في الإدارة كأمثلة على النظام الإداري وتطبيقه في كل من الإسكندرية والدقهلية، وعناصر هذه الإدارة؛ والخامس تعرض للأحداث الهامة التي شهدتها مصر خلال هذه الفترة وتمثلت في الصراع بين البيوتات المملوكية من أجل الحصول على المناصب الهامة وأثر ذلك على المجتمع المصري؛ والسادس تناول أثر هذه الصراعات على الوضع الاقتصادي وانتشار الأوبئة؛ والسابع تناول الغزو الفرنسي لمصر 1798م والمتمثل في الحملة الفرنسي، وأغراضها ونتائجها والموقف بعد خروجها؛ والثامن تناول تحول نظم الحرف والصناعات في في مصر خلال القرن الثامن الميلادي؛ والتاسع تناول ظهور محمد علي وتكوين الإمبراطورية الوراثية في مصر، حيث بين كيف تمكن محمد علي من التربع على حكم مصر، مستغلا الظروف التي كانت موجودة خلال هذه الفوضى السياسية، وموقف الدول الأوربية وخاصة انجلترا، وكيف وقفت ضده إلى أن انهارت إمبراطوريته؛ وجاء الفصل العاشر والأخير عن الحركة العرابية والاحتلال الإنجليزي لمصر.والكتاب يأخذنا في جولة علمية ماتعة بين أحداث التاريخ لهذا القطر الهام في قلب الأمة الإسلامية، ويوثق الأحداث والوقائع بعزوها لجمع من المصادر والمراجع، مع الإحاطة بها. ويتميز بأسلوبه السلس وذكر التفاصيل الهامة في تكوين صورة مكتملة عن الحقب المتعاقبة، واعتداله في وصف الأحداث بأسمائها بعيدا عن التزييف والتحريف، فهو لا يتكلم عن "الغزو العثماني" كبعض المؤرخين، ولا يمجد الحملة الفرنسية ويذكر "مآثرها". ويزيده قيمة كون الكتاب مادة مقررة في جامعة وطنية مما يجعلها محل ثقة عند كثير من القراء والمثقفين، فحين يخرج هذا التاريخ من مصدر كهذا فهو من باب "وشهد شاهد من أهلها"، وقليلة هي الدراسات التاريخية الصادقة التي تتبناها المؤسسات الرسمية في أقطار العالم الإسلامي حاليا، نظرا لتيارات التغريب التي هبت على تلك الأقطار منذ زمن.