هذه الرسالة النافعة مؤلفة بشكل مستقل في هذا الفن؛ فهي مغايرة للرسائل الجامعية الأخرى في تصنيفها في فضائل القرآن والتي اعتمدت على إخراج بعض نتاج السابقين وتحقيقه. أما تناول القضايا المنهجية لهذا الفن فقد اقتصرت في المؤلفات السابقة على مقدمات التحقيق التي يقوم بها الباحثون بينما انصب تركيز هذه الرسالة على مباحث التفضيل المتعلقة بالقرآن الكريم نفسه والتي تدور حول قضية أوجه تفضيل القرآن الكريم على الكتب السابقة، وقضية تفاضل سور القرآن وآياته، وقضية تفضيل القراءات. وقد أجمل المصنف الأسباب التي دعته لاختيار هذا الموضوع في كونه غير مسبوق بالدراسة الموسعة مع سعيه في جمع شتات مباحث التفضيل المتفرقة في الكتب الأخرى. وبرزت أهمية الموضوع عنده من جهتين: ارتباطه بالقرآن الكريم، وكونه من أعظم الدوافع للمسلم ليقبل على القرآن تلاوة وفهما وحفظا وعملا. وأما عن منهج المصنف فإنه اجتهد في تحرير المذاهب والأقوال ونسبتها إلى قائليها مع إيراد الأدلة وما يرد عليها من نقاش واعتراض ثم الترجيح بين الأقوال مع ذكر السبب. وتتألف الرسالة من شقين: الشق الأول يتحدث عن القضايا المنهجية المتعلقة بهذا الفن من حيث تعريف مفرداته لغة واصطلاحا ثم تعريف التركيب الإضافي لفضائل القرآن وبيان أنواعها وأقسامها (التمهيد)، ثم تطرق المصنف لمؤلفات فضائل القرآن سواء ما كان منها في مؤلفات مستقلة أو ما كان ضمن كتب التفسير أو الحديث أو علوم القرآن (الفصل الأول)، وكذا حركة الوضع فيه من حيث كثرتها وأسبابها والمشهور منها والطريق إلى معرفتها وحكم روايتها (الفصل الثاني). أما الشق الثاني -وهو بيت القصيد- فإنه يتناول ثلاثة موضوعات كل منها في فصل مستقل: الموضوع الأول عن تفضيل القرآن على الكتب السابقة من حيث الأدلة وأوجه الحفظ وهي حفظه من التحريف وإحكامه ومعجزته الخالدة وشموليته ولغته ويسر شريعته وتيسير حفظه وهيمنته على الكتب السابقة (الفصل الثالث). أما الموضوع الثاني فهو عن تفاضل القرآن حيث سرد المصنف الخلاف فيه وعزا كل قول إلى أصحابه وناقش الخلاف وسرد وجوه التفاضل عند أصحاب كل قول مع أدلتها ثم رجح القول بتفاضل السور والآيات في أجرها وثوابها وفي معانيها وفي نفسها وختم بثمرة هذا الخلاف (الفصل الرابع). والموضوع الثالث فهو عن التفضيل بين القراءات وفيه أوضح المصنف ضوابط قبول القراءات وأنواعها وموقف العلماء من التفضيل بين القراءات وأسباب ذلك وأدلة كل فريق مع المناقشة والترجيح (الفصل الخامس). ويلاحظ في الكتاب عمق النظر وطول النفس في سرد الخلاف ومناقشته مما يسكب الثقة في نقله.