فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب هو أحد كتب العقيدة المهمة، ألفه الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي حفيد الإمام محمد عبد الوهاب. ويقوم المؤلف فيه بشرح كتاب التوحيد للعلامة الإمام محمد بن عبد الوهاب. وكتاب التوحيد هو الحلقة الأولى ضمن سلسلة رسائل قصيرة وضعها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الإمام المجدد الذي نشر دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، وتتضمن هذه الرسائل كتاب التوحيد، ثلاثة الأصول، القواعد الأربع، أصول الإيمان، كشف الشبهات.. وقد صنف المؤلف هذا الكتاب ابتداء في البصرة لما رحل إليها، ثم إنه لما قدم نجدا حرر الكتاب وأكمله. وتظهر أهمية الكتاب أن المصنف جمع في موضوع التوحيد الآيات والأحاديث والآثار وليس له فيه كلام إلا ما يورده في آخر كل باب من مسائل مستنبطة من الآيات والأحاديث والآثار، وفيها شحذ أذهان طلاب العلم في معرفة المواضع التي استنبطت منها هذه المسائل. وكان الداعي إلى تأليفه ما رأى من شيوع الشرك بالله ومن ضياع مفهوم التوحيد الحق عند بعض المسلمين، مما أوقعهم في كثير من الأقوال والأعمال التي تنافيه، وما رآه عندهم من مظاهر الشرك الأكبر والأصغر، والخفي. ومن ثم كان الهدف من الكتاب هو التركيز على توحيد العبادة، وهو توحيد الألوهية، والتحذير من الشرك الأكبر والأصغر، مع الكلام على توحيد الأسماء والصفات، وبيان الأدلة من الكتاب والسنة على خطر الشرك، وبيان ما بعث الله به رسله من التوحيد. وقد قال الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق عن أسلوب تصنيف الكتاب: " طراز جديد في تفهيم الناس مقاصد التوحيد؛ إذ جعله على أبواب دائرية تنداح كل دائرة بأوسع من أختها؛ فالدائرة الأولى: هو معرفة التوحيد الذي بعث الله به أنبياءه ورسله. والدائرة الثانية: تحقيق ذلك التوحيد. والدائرة الثالثة: الخوف من الشرك بأنواعه. والرابعة: حماية التوحيد. والخامسة: حماية حمى التوحيد". أما عن منهج المصنف في الكتاب فقد قسمه إلى ستة وستين بابا عن التوحيد، يسوق تحت كل باب آيات وأحاديث وآثارا عن سلف هذه الأمة، من الصحابة ومن بعدهم ممن سار على نهجهم وطريقتهم. وصنيعه هذا شبيه بصنيع الإمام البخاري في كتابه "الجامع الصحيح" وعلى الأخص كتاب التوحيد الذي هو آخر الكتب في "صحيح البخاري". والمصنف عند إيراده الآيات والأحاديث والآثار يقدم الآيات ثم الأحاديث ثم الآثار، إلا إذا كان الأثر متعلقا بآية أو بحديث، فإنه يقدمه من أجل ذلك التعلق. أما عن محتوى الكتاب؛ فأوله باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، وآخره باب ما جاء في قول الله تعالى: "وما قدروا الله حق قدره" الآية. يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في كتابه "القول السديد في مقاصد التوحيد" في باب الدعاء إلى لا إله إلا الله: "وهذا الترتيب الذي صنعه المؤلف في هذه الأبواب في غاية المناسبة، فإنه ذكر في الأبواب السابقة وجوب التوحيد وفضله، والحث عليه وعلى تكميله، والتحقق به ظاهرا وباطنا، والخوف من ضده، وبذلك يكمل العبد نفسه. ثم ذكر في هذا الباب تكميله لغيره بالدعوة إلى شهادة (أن لا إله إلا الله)، فإنه لا يتم التوحيد حتى يكمل العبد جميع مراتبه، ثم يسعى في تكميل غيره - وهذا هو طريق جميع الأنبياء". ومن الأبواب ما ينافي أصل التوحيد وهو الشرك؛ مثل (باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره)، و(باب ما جاء في الذبح لغير الله)، و(باب من الشرك النذر لغير الله)، و(باب من الشرك الاستعاذة بغير الله)، و(باب قول الله تعالى: "أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصرا" الآية، و(باب قول الله تعالى: "فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون). ومن الأبواب ما ينافي كمال التوحيد وهو البدع والشرك الأصغر؛ مثل (باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين)، و(باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح، فكيف إذا عبده؟!)، و(باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تُعبد من دون الله)، و(باب ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك)، و(باب قول: ما شاء الله وشئت). وللكتاب شروح كثيرة أشهرها: "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد": لحفيد المؤلف سليمان بن عبد الله آل الشيخ (ت: 1233هـ)، وهو أوّل شروح هذا الكتاب وأطولها، انتهى فيه إلى (باب من هزل بشيء فيه ذكر الله)، "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد": لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ت: 1285هـ)، اختصره من "تيسير العزيز الحميد"، وزاد عليه، وهو الذي بين أيدينا. ويتميز هذا الشرح بأنه مبسط غير مطول، وغني بالفوائد، وقد عني الشارح بالمتن وبين المقصود منه واهتم بأساس الموضوع ولم يسلك مسلك الإطناب والتعمق في المسائل الجانبية، كما نجد أن تعليق الشيخ ابن باز عليه بهامش الكتاب مفيد للغاية، من توضيح للمقصود ولفت النظر لنقاط مهمة مستقاة من الواقع أو تعقيبات على كلام الشيخ واستدراكا له. وبالإضافة إلى تعليقات الشيخ، نجد أيضا تعليقات الشيخ محمد حامد الفقي في الهامش. كما بذل فريق الإعداد بدار ابن حزم في تحقيق الكتاب جهدا طيبا من إعداد الفهارس وتخريج الآيات والأحاديث الشريفة، وإيراد المسائل في آخر كل باب إتماما للفائدة، بالإضافة إلى التعليق على الأحاديث من ضعف وصحة اعتمادا على أقوال المحدثين القدامى والمعاصرين.ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عموما تمتاز بالاختصار وجريانها على نمط متون المتقدمين المحققة، وتقريرها عقيدة أهل السنة اتباعا لأئمة السنة مالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، والأئمة المجددين من بعدهم ابن تيمية وابن القيم، والشيخ حنبلي المذهب إلا أنه لم يتقيد به إذا ترجح له الدليل، فضلا عن اتباعه أهل السنة في أصول الدين بلا تعصب لإمام.وقد أكد الشيخ في كتاباته ودعوته على ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة، وعدم قبول أي أمر في العقيدة ما لم يستند إلى دليل مباشر، واعتماد منهج أهل السنة والجماعة في فهم الدليل والبناء عليه، ودعا إلى تنقية مفهوم التوحيد، مطالبا المسلمين بالرجوع به إلى ما كان عليه المسلمون في الصدر الأول للإسلام. فعملت دعوة الإمام المجدد رحمه الله على إيقاظ الأمة الإسلامية فكريا بعد أن عانت زمنا طويلا من التخلف والخمول، والتقليد الأعمى. كما اعتنى بتعليم العامة، وتفتيح أذهان المثقفين منهم، ولفت أنظارهم إلى البحث والدليل، ودعوتهم إلى التنقيب في بطون أمهات الكتب والمراجع قبل قول أية فكرة، فضلا عن تطبيقها. فكان رحمه الله فارس الميدان في تصحيح ما وقع من خلل في اعتقاد الناس في الأزمنة المتأخرة، بأقصر العبارات، وأوضح الاستدلالات، فأسلوب ابن عبد الوهاب في أغلب رسائله يعتمد على المباشرة في الخطاب، وقلة مباني الخطاب بشكل لا يخل بالمقصود، ومراعاة حال المخاطب، وكان أغلبهم عوام، وجهالا، أو متلبسين بشرك زينه لهم عباد جهال، أو علماء سوء وفتنة. ولهذا تميزت كتاباته بشدة تعلقها بقضايا الواقع والشبهات المثارة فيه، لأن غايته رحمه الله كانت تصحيح تلك الانحرافات وإحياء عقيدة أهل السنة في بلده، والدعوة إلى التوحيد بصفائه. وكتابات الشيخ، بالرغم من أن لغتها العربية متأثرة بلهجة أهل نجد، إلا أنها واضحة مستقيمة، وتمتاز عن كتابات أبنائه وأحفاده - المتنوعة والمتباينة أحيانا - بالضبط والجزالة، وتصطبغ بصبغة الشيخ التي تجمع بين الدعوة للحق والرحمة بالخلق.