أصل هذا الكتاب للمستشار الدكتور علي جريشة، وهو من الرعيل الأول للحركة الإسلامية المعروفة، مذكرات قررها على طلبة كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وقد قصد أن تكون المرجع الأول ساعتها حول حاضر العالم الإسلامي، فلم يجد الكاتب - فيما بلغه - شيئا كتب بعد ما كتبه الكاتب الأمريكي "لوثروب ستوارد". وهو موجه للجامعات الإسلامية ثم لأبناء الدعوة الإسلامية. وقد حاول المؤلف في كتابه مسح العالم الإسلامي كله، إلا أن ذلك كان في شأن الخطوط العامة حول الواقع الفكري، أو الواقع السياسي، أو الواقع الاجتماعي، أو الواقع الاقتصادي. لكنه لم يمنعه من إفراد بحوث خاصة للقضايا الإسلامية الراهنة مثل: قضية فلسطين كقضية وطن إسلامي سليب، ومثل قضية الفلبين كقضية وطن إسلامي مجاهد، ومثل قضايا الأقليات وغيرها.وقد توالت طبعات الكتاب منذ إصدار طبعته الأولى سنة 1977م، ومع كل طبعة يطرأ تغيير تبعا لتغير الأوضاع، وفي الطبعة الرابعة حذف كثيرا مما كتب عن مصر بعد تلقيه ملاحظات عن قضية النصارى وغيرهم. وفي الطبعة السادسة أضاف أحداث غزو الكويت والعراق وأفغانستان وإعلان النظام الدولي الجديد. ويقع الكتاب في مقدمة وثلاثة أبواب وأحد عشر ملحقا وخاتمة. حيث يتناول الباب الأول: العالم الإسلامي وصفه وموقعه، وفيه وصف العالم الإسلامي جغرافيا وفقهيا ومكانه بين غيره من العوالم. والباب الثاني: واقع العالم الإسلامي، يتناول فيه الواقع الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي. والباب الثالث: قضايا إسلامية معاصرة، حيث يتناول فيه الأوطان السليبة، وأوطانا تجاهد، وأوطانا يتهددها الخطر. ثم يتبع أبواب الكتاب بملاحق متفرقة.والكاتب يصف دراسته بأنها اتسمت سواء في خطوطها العامة أو في تفصيلاتها بالموضوعية والتعمق، بعديا عن التجريح الشخصي، ثم بلوغا إلى جذور القضية، وصولا إلى حل لها.وقد كلفه ذلك أن يرفع الأسماء حتى من المصادر التي نقل عنها، إيمانا منه بأن الموضوعية أصلح منهج لبلوغ الإصلاح، فوق أنها اتباع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا)، وأخيرا إيمانا بأن التطبيق على الأشخاص لا يكون إلا عند عقد المحاكمات، وليس المجال مجال محاكمة ولا الأوان أوانها.ويرى المؤلف أن ما صدر من كتابات مشابهة أقرب إلى الكتب "المدرسية" وقد صدرت لتلبي حاجات "مدرسية".ونحن نرى أن الكتاب في الجملة جيد موجز يعرض أهم ملامح العالم الإسلامي اليوم، ويسلط الضوء على قضايا هامة مثل قضايا الخلافة والشريعة والجهاد والحركات الإسلامية والحكام العملاء والصهيونية العالمية والغزو الفكري وغير ذلك، لكنه يعبر عن منهج فكري لصاحبه غير خاف، يطالعنا حين يعزو السبب الرئيس لسقوط الخلافة المؤمرات الخارجية، وفي رده على فصول من كتاب "واقعنا المعاصر" وهو رد ضعيف من الناحية العلمية. ولا نجد ثبتا للمراجع في نهاية الكتاب.