الكتاب القيم بجزأيه للدكتور جميل المصري ألفه يوم أن كان أستاذا مساعدا بالجامعة الإسلامية، هو من أهم مؤلفاته ومن أسباب اشتهاره في الأوساط الفكرية والدعوية. وعنوان هذا الكتاب مطابق للنسخة الغربية القديمة التي كتبها المؤرخ السياسي الأمريكي لوثروب ستودارد في مطلع القرن العشرين، وعلق عليه الأمير شكيب أرسلان. وكتابنا بطبيعة الحال مختلف المضمون والهوية. وكما يعرف به صاحبه فإن الباعث على تأليفه هو مشكلات العالم الإسلامي وقضاياه الكثيرة والمتشابكة، والمختلطة ببعضها من جهة وبالمشكلات العالمية من جهة أخرى؛ فهذه المشكلات مرتبطة بجذور ممتدة ذات ارتباط بالمشاكل الغربية الأوروبية المعقدة. ولكي لا يقع الداعية المسلم في فخ التيه والضياع، لأن الداعية ينبغي له أن يكون مؤمنا بدعوته، مثقفا متعلما، لبقا، يدعو إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فإن مادة هذا الكتاب تهدف إلى تكوين الداعية المسلم بأن يتعرف على عالمه الإسلامي الكبير، وقضايا المسلمين وأدوائهم، وعلى ثروات العالم الإسلامي وكيفية استغلالها، وحمايتها من الأطماع، واستثمارها وتسخيرها، وعلى التحديات التي تواجه الحياة الإسلامية في المجتمعات الإسلامية لمعاصرة وكيفية تذليلها؛ وأن يتعرف على إخوانه في أقطار الأرض، ومشاركتهم قضاياهم.إن مادة هذا الكتاب تسهم في معرفة مواطن قوة العالم الإسلامي، للعمل على المحافظة عليها، وتنميتها، ومعرفة مواطن الضعف للعمل على تنحيتها، والتغلب عليها وإزالتها. فيتزود الداعية بثقافة واسعة، واعية، تمكنه من السير في الدعوة بثبات، ووعي، وإيجابية؛ فإن الدعاة الواعون هم مصدر قوة الأمة، وبهم تتم نهضتها.وينقسم الكتاب في داخله إلى جزئين: الجزء الأول، وينقسم إلى أربعة أبواب: العالم الإسلامي وأهميته، التحول من ماضي الأمة الإسلامية المجيد إلى حاضرها الأليم؛ واقع العالم الإسلامي، توقعات حول مستقبل العالم الإسلامي. والجزء الثاني من الكتاب يتناول قضايا العالم الإسلامي المعاصرة، وينقسم إلى ثلاثة أبواب متتابعة: قضايا أقطار إسلامية معاصرة في آسيا، قضايا أقليات مسلمة في آسيا وأوروبا، الإسلام والمسلمون في قارة أفريقيا.كما ذيل الكتاب بفهرس للخرائط التي يحتوي عليها الكتاب، وخريطة جامعة للعالم الإسلامي، وتوزيع المسلمين لعدد من الدول المحيطة.والكتاب كما يظهر من تعريف المؤلف ليس مادة تاريخية أو سياسية محضة، وإنما هو عرض وتحليل لتاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر وقضاياه من وجهة نظر إسلامية سنية محضة، تتسم بوضوح الهوية وعمق الإحساس بالصراع، وتشخيصه لواقع الأمة المعاصر باعتبار غياب حكم الإسلام عن أكثر أقطاره، مما دفعه لاستخدام المصطلح الجغرافي "العالم الإسلامي" وليس الشرعي "دار الإسلام". كما يتميز الكتاب بالإلمام بالاتجاهات الفكرية الحديثة التي ظهرت في أقطار العالم الإسلامي وأثرت فيه، والتيارات المعادية. ويظهر توجه الكاتب من خلال استعراض القائمة الثرية من المراجع الأصيلة التي عزا إليها.ويتسم الكتاب بسهولة الأسلوب وووضوح العبارة وحسن التقسيم. وعلى الرغم من ظهور عدة مؤلفات بنفس العنوان، ومن أشهرها كتاب المستشار علي جريشة، إلا أن كتابنا هذا يتميز عنها بكل ما ذكرنا أو بعضه، حتى وإن كان يتحدث عن "حاضر" العالم الإسلامي منذ ثلاثين سنة مضت، إلا أنه ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أحوج المسلمين لإعادة قراءة حاضرهم القريب ومعرفة العلل والأدوية.