يعد هذا الكتاب أحد المصنفات التي تتناول فقه الواقع من زاوية التعرف على فساد بعض الحركات السياسية والمذاهب الفكرية التي شهدتها المنطقة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين. وتأتي أهمية هذا الكتاب في رؤيته الواقعية التي تكمل الجانب العقدي بضرورة الاعتصام بهذا الدين وقيادته للبشرية. ويتبين ذلك من خلال فشل الاتجاهات الزمنية والقيادات السياسية في توفير السعادة والاستقرار للإنسانية المعذبة. ومن ثم كان الدافع إلى تصنيف الكتاب هو ما شعر به المصنف من اعتزاز بهذا الإسلام وأن المستقبل له في مقابل فشل هذه الحركات والمذاهب المعاصرة في تحقيق غرض إسعاد الإنسانية. يقول الكاتب: "والإسلام.. المنهج الوحيد الذي قيَّم الإنسان هذا التقييم الفطري؛ لاحظ متطلباته النفسية والروحية، وحاجاته العضوية والمادية. وعلى ضوء هذا التصور والتقييم الدقيق الكلي جاءت صياغة المنهج الإسلامي، فكان المنهج الذي يتلاءم مع كل بيئة وعصر". ويتحدث المؤلف عن هدفه من تصنيف الكتاب قائلا: "وهذا الكتاب إنما هو محاولة متواضعة لكشف النقاب عن بعض هذه الاتجاهات التي ضلَّلت الأمة ولا تزال تضللها تحت شعارات خادعة كاذبة". وقد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة مباحث هي: الشيوعية - الرأسمالية - الماسونية - القومية السورية - القومية العربية. ولم تكن عناوين المحتوى مطردة في المباحث المختلفة؛ فقد تناول في الشيوعية الحديث عن نشأتها، والنظرية الماركسية، والمادية المنطقية والتاريخية، واقتران الشيوعية بكل من الإلحاد والصهيونية والاستعمار، ثم فناء الشيوعية. وفي الرأسمالية تناول معناها، وحكم الإسلام فيها، وبعض قوانينها كالبحث عن الربح، والمزاحمة، والتمركز على الإنتاج وحصره، والسعر المنخفض. وفي الماسونية تناول ماهيتها ونشأتها وعلاقتها بالصهيونية وموقفها من كل من الدين والخُلُق والرئاسة والعبرية. أما في القومية السورية فقد تحدث عن نشأتها ومبادئها الأساسية والإصلاحية ونقض مفهومها القومي ونقض مفهومها الديني. وأخيرا في القومية العربية قام بتعريفها، وذكر خصائصها، وموقفها من كل من الدين واللغة والتاريخ والأرض والمصلحة المشتركة ومعناها التعصبي ثم طورها الماركسي. وقد ختم كل مبحث بالمراجع التي استعان بها في تجميع مادته. وقد انتهج الكاتب في تناوله لهذه المذاهب والحركات المنهج التحليلي إذ يتتبع كل مذهب من حيث نشأته وقوانينه وعلاقاته بغيره وأسباب فساده في ميزان الإسلام. ويلاحَظ في أسلوب الكاتب التحديد في مادة كتابه مع إلمامه بالموضوعات التي تناولها وحسن صياغته لإخراجها بطريقة منظمة شاملة.