أصل هذا الكتاب رسالة جامعية نال بها الباحث درجة الماجستير من قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر. وقد دعا المصنف إلى الكتابة في هذا الموضوع رغبته في توضيح جانب من أصول التفسير يحتاج إلى مزيد عناية واهتمام لا سيما حال ندرة المؤلفات التي جمعت بين التنظير والتطبيق في هذا الباب. وتبرز أهمية بيان اختلاف السلف من أن تفسيرهم يعد المصدر الثالث من مصادر التفسير بالمأثور بعد تفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة؛ ومن ثم يجب على طالب علم التفسير معرفة مواطن إجماعهم وخلافهم. ويتطلب ذلك سبر غور الأقوال والبحث عن مقاصد قائليها والترجيح بينها وتحديد سبب الخلاف ونوعه؛ فإن الناظر لأقوالهم دون معرفة بمسالكهم في التفسير ربما ينسب إليهم أقوالا لم يقولوها أو يُحمِّل أقوالهم معاني لم يقصدوها. لذلك هدفت هذه الرسالة إلى الوقوف على خلاف السلف في التفسير وبيان خصائصه وكيفية التعامل معه. وكان منهج الباحث في الكتاب الاقتصار على كتابين من التفسير بالمأثور هما تفسيرا الطبري وابن أبي حاتم وجمع الأقوال التي يظهر فيها الخلاف بين السلف في التفسير فبلغت السبعين قولا وذلك في الفاتحة والأرباع الثلاثة الأولى من الجزء الأول من سورة البقرة. وشكل هذا الجزء الدراسة التطبيقية في الباب الثاني من الرسالة والتي يسير فيها على نمط واحد وهو ذكر الآية وموطن الشاهد من الاختلاف وجمع الأقوال فيه وسببه ثم الجمع بين الأقوال أو الترجيح. أما الباب الأول وهو الدراسة النظرية فهو عن خصائص وأساليب السلف في التفسير كالتفسير بالمعنى وباللازم وبالمثال، ثم أنواع الاختلاف في التفسير بين التنوع والتضاد، وأسباب الاختلاف، وكيفية التعامل معه. والرسالة تحمل أسلوبا تحليليا ناقدا واعيا لأسباب الاختلاف الواقعة في تفسير السلف مع بيان أسباب ذلك وكيفية التعامل معه وطريقة توجيه الأقوال. ويلحظ القارئ كذلك تجرد الباحث في دراسته للأقوال واجتهاده في استيعاب الكلام على المسألة التي يطرحها. ومن ثم فإنها تناسب من يقرأ في هذا الباب لا سيما وأن اللغة المستخدمة سهلة في صحتها، والأمثلة المضروبة وافية تقرب المسألة إلى الذهن وتفي بغرض إيضاح المقصود.