علم أصول التفسير محاولة في البناء
مولاي عمر بن حماد
علم أصول التفسير محاولة في البناء
نبذة عن الكتاب

ينطلق هذا البحث من فرضية مفادها أن أصول التفسير علم مستقل؛ فهو يعمل في التفسير ما عمله أصول الفقه في الفقه وأصول الحديث في الحديث، أي قانون يضبط العملية التفسيرية ويصونها من أي شكل من أشكال الانحراف، حتى إذا حصل ذلك سهل بيانه وكشفه وضبطه. ولكن هذا العلم لا يزال في حاجة ماسة إلى جهود كثيرة لإبراز مباحثه والتعريف به وبلورته وإخراجه في صورة علمية مرضية تليق بشرف مادته التي هي القرآن. والسبب الذي دعا الباحث للتصنيف في هذا الباب هو ما لاحظه من كثافة على المستوى التطبيقي في التفسير لم ترافقها في نفس المستوى إنتاجات نظرية تضبط التفسير وتؤصل له، مما أدى إلى كثير من الانحراف في التفسير لكون كل فرقة أو مذهب تحرص على التأصيل لمذاهبها من القرآن والعمل على إقامة الحجة على اختياراتها منه. وقد أوضح المؤلف أن الكتابات المتقدمة في هذا الباب كمقدمات الطوفي وابن تيمية لا تتجاوز إثارة بعض قضايا هذا الموضوع. أما عن المادة المرجعية لهذا الموضوع فيرى المؤلف أن أهم مظانها كتب علوم القرآن قديما وحديثا ومقدمات كتب التفسير والإشارات النظرية المبثوثة في كتب التفسير وكتب أصول الفقه والبلاغة، ثم إنه يوضح الغاية من بحثه بقوله: "وهذا البحث يقصد إلى استخراج هذه المباحث من مظانها، وتنقيح ما استخرج منها مما علق بها وليس منها، ثم تركيبها في بناء نظري". ويقول المصنف عن تصوره لموضوع أصول التفسير: "لابد في هذا العلم أولا من تحديد مصادر التفسير التي ينطلق منها المفسر، مع بيان حجيتها ودرجتها ورتبتها بما يحقق الضبط والإحكام لعمل المفسر، فلا ينتقل مثلا إلى مصدر لاحق وفي السابق ما يغني، خاصة عند التعارض كأن يستشهد في تفسير آية ببيت من الشعر يخالف ما ثبت عن رسول الله في معنى نفس الآية. ثم لابد في هذا العلم من تحديد قواعد التفسير التي تضبط التعامل مع مصادره من ناحية ومع النص القرآني نفسه من ناحية أخرى. ثم لابد في هذا العلم أيضا من مباحث تتناول المفسر تحديدا وشروطا كما هو الحال في المباحث التي تتناول المجتهد عند الأصوليين فتحدد مفهوم المجتهد وشروطه. ولا ينقص بناء بهذا الشكل المتكامل -في تصورنا- إلا نظرة شمولية متفحصة للنص القرآني تستقرئ مراد الله تعالى من خلال تتبع مختلف آي الكتاب وسوره ليقوم بعد ذلك ما نصطلح عليه "مقاصد المفسر"، وبقدر فهمنا لمقاصد المفسر بقدر ما تسلم اتجاهاتنا في التفسير ويسلم الحكم عليها"، ويلخص المؤلف تصوره بقوله: "فتكون الخلاصة أن هذا العلم نتصور أنه يتركب من: ١- مصادر التفسير ٢- قواعد التفسير ٣- شروط المفسر ٤- مقاصد المفسر".