إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن
أبو البقاء العكبري
إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب القيم هو موسوعة في إعراب القرآن الكريم، ويعرف أيضا بـ (التباين في إعراب القرآن)، من تأليف العلامة أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، العالم اللغوي البارع. وقد أقدم العلامة على إعراب القرآن الكريم لعظم القرآن الكريم وأهمية مراعاته والاهتمام به، وأول مبدوء به من ذلك أن تلقف ألفاظه عن حفاظه، ثم تلقى معانيه ممن يعانيه، وأقوم طريق يسلك في الوقوف على معناه، ويتوصل به إلى تبيين أغراضه ومغزاه، هو معرفة إعرابه واشتقاق مقاصده من أنحاء خطابه، والنظر في وجوه القرآن المنقولة عن الأئمة الأثبات. ويقول المؤلف في مقدمة كتابه: "والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا، مختلفة ترتيبا وحدا، فمنها المختصر حجما وعلما، ومنها المطول بكثرة إعراب الظواهر، وخلط الإعراب بالمعاني، وقلما تجد فيها مختصر الحجم كثير العلم، فلما وجدتها على ما وصفت، أحببت أن أملى كتابا يصغر حجمه ويكثر علمه، أقتصر فيه على ذكر الإعراب ووجوه القراءات، فأتيت به على ذلك، والله أسأل أن يوفقني فيه لإصابة الصواب، وحسن القصد به بمنه وكرمه". وقسم المؤلف كتابه على جزئين، ورتبه على ترتيب المصحف الشريف بعد المقدمة، والجزء الأول من بداية الاستعاذة وسورة الفاتحة إلى نهاية إعراب سورة الأعراف، والجزء الثاني من سورة الأنفال وحتى سورة الناس. ويتميز الكتاب باختصاره عن دونه، من غير أن ينقص شيئا من الإعراب أو يقل بالفائدة. وأخذ المؤلف إعرابه عن أوثق المصادر والمراجع، ويذكر أوجه الإعراب إن وجد، ويذكر الاختلاف فيها ويرجح أحيانا. كما يضيف إلى الإعراب فوائد لغوية أخرى من البلاغة والصرف والنطق والرسم، مما يخدم الإعراب أو ليستزيد منه القارئ. وتبرز أهمية هذا الكتاب من كونه من الكتب المشهورة في إعراب القرآن، ولعله أفضلها؛ لما يتميز به من الإحاطة والشمول بالموضوع، علاوة على الوضوح في المنهج، والدقة في البحث، والإصابة في الرأي. ويتميز منهج المؤلف في كتابه بالإيجاز والاختصار، والعناية بالناحية النحوية والتصريفية الخالصة، كما يدعم مذهبه النحوي بالقرآن الكريم نفسه، ويميزه أيضا الرجوع إلى الأصل (أصل الكلمة)، ويذكر الأوجه الإعرابية المختلفة للكلمة، وقد يقتصر على وجه أو وجهين مع احتمال الكلمة غير ما يذكر. ولم يكن منهج العكبري في إعرابه مفصلا، إذ إنه لم يتناول توجيه إعراب الآيات كاملة، بل كان ينتقي الآيات أو الكلمات من الآية أو الكلمة الواحدة في بعض الأحيان، وربما اكتفى بالمعنى في مواضع كثيرة. وهو يكثر من ذكر القواعد النحوية والأصولية العامة، ويكررها للمراجعة والتذكير، ويهتم بالخلاف النحوي ويوليه عناية فائقة، ويستشهد بكثير من أقوال العرب وأمثالهم وأشعارهم، كما يتتبع العكبري القراءات الأخرى المحتملة في الآية الكريمة التي يعربها، فيذكرها مفصلة. وللمؤلف اعتراضات على النحويين. وقد احتل الشاهد القرآني عند المؤلف أعلى مراتب السماع وأسماها؛ فكل ما قرئ به يجوز عنده الاحتجاج به في العربية، سواء أكان متواترا أم شاذا أم آحادا. وأما الحديث النبوي فهو كأسلافه من النحويين لا يستشهدون بالأحاديث النبوية كثيرا، ونادرا ما يفعلون ذلك. وأما موقفه من لغات العرب فهو يعتد اعتدادا كبيرا بهذا المصدر، مما يجعله يقبل الشاذ من القراءات إذا حملت على لغة من لغاتهم، وهو مع هذا لا يعول على اللغة التعليلية الشاذة.