إرشاد الفحول
الشوكاني
إرشاد الفحول
نبذة عن الكتاب

ٳرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول أحد كتب أصول الفقة ألفه الامام الفقيه الأصولي المحقق محمد بن علي الشوكاني، وقصد فيه إلى بيان الراجح في أصول الفقه من المرجوح، وأوضح فيه السقيم من الصحيح في مسائل علم الأصول ليكون العالم الأصولي على بصيرة من علمه، وقد رتب الامام محمد الشوكاني كتابه على مقدمة وسبعة مقاصد وخاتمة. حيث افتتح بمدخل إلى علم الأصول، اشتمل على تعريف أصول الفقه وموضوعه وفائدته واستمداده، والأحكام، والمبادئ اللغوية، وتقسم اللفظ إلى مفرد ومركب. ثم شرع في مقاصد الكتاب السبعة؛ فبدأ بالأول وهو الكتاب العزيز، ثم الثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في الأوامر والنواهي والعموم، والخامس في القياس، والسادس في الاجتهاد والتقليد، والسابع في التعادل والترجيح ثم خاتمة لمقاصد الكتاب. وقد وصفه مؤلفه بأنه كتاب تنشرح له صدور المنصفين ويعظم قدره بما اشتمل عليه من الفوائد الفرائد في صدور قوم مؤمنين، ولا يعرف ما اشتمل عليه من المعارف الحقة إلا من كان من المحققين، ولم يذكر فيه من المبادئ التي يذكرها المصنفون في هذا الفن إلا ما كان لذكره مزيد فائدة يتعلق به تعلقا تاما وينتفع بها فيه انتفاعا زائدا، وأما المقاصد فقد كشفت لنا عنها الحجاب كشفا يتميز به الخطأ من الصواب بعد أن كانت مستورة عن أعين الناظرين بأكثف جلباب.وقد ألفه صاحبه بقصد تمحيص مسائل هذا العلم وبيان الراجح منها والمرجوح وما يصح الاستدلال به وما لا يصح، كما بين في كتابه أن هناك ما يجب أن يستبعد من علم الأصول كمقدمة المنطق وحروف المعاني. ومن أهم مميزات منهجه الأصولي: اشتماله على آراء المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء والأصوليين، ومن جميع الفرق الإسلامية، ولم يعتمد فيه على كتب الآخرين ولم يلخص فيه آراء من سبقه، إلا بالقدر الذي يستطيع معه مناقشة الآراء والأدلة في المسائل الخلافية، وقد تم له الاستقصاء في البحث والاستقراء للمذاهب حتى وصل في بعض المسائل إلى أن يذكر فيها بضعة وثلاثين قولا، فيورد القول وأدلته ويناقش تلك الأدلة، ويورد الاعتراضات، والإجابة عنها إجابة مقنعة صريحة، مع ذكر الشواهد والأمثلة، والتعليل والقيود والمحترزات، ويوازن بينها ثم يرجح وهكذا. فهو بحق نهج واضح وطريقة مثلى في التأليف والبحث، وخاصة في طريقة المتكلمين من حيث الاستكثار من الأدلة والاحتجاج، وتحقيق المذاهب وتفريع المسائل. ثم إنه كثيرا ما يذكر الإمام الشوكاني اختلاف الأصوليين في التعريفات، ويورد تعريفات كثيرة للشيء المعرَّف، ويذكر الاعتراضات الواردة على التعريف، والإجابة عليها،كما فعل في تعريف أصول الفقه، وتعريف العلم والدليل والنظر، ونحو ذلك. وهو في الغالب يبدأ بأقوى التعاريف وأرجحها، فيرتبها على هذا الأساس ثم يورد بقية التعريفات بصفة التمريض "وقيل" ويعترض عليها بكون التعريف - مثلا - غير جامع وغير مانع، أو كونه يستلزم المحال كالدوران أو التسلسل أو اجتماع النقيضين، أو يكون الاعتراض على التعريف بسبب التناقض ونحو ذلك. وهذا منهجه حتى في ذكر الأقوال والمذاهب الواردة في كل مسألة. والشوكاني كذلك اعتنى بتحرير محل النـزاع، وخاصة إذا كانت المسألة متشعبة وتحتاج إلى هذا التحرير قبل البحث في أقوال العلماء والأدلة. وتتجلى في الكتاب قوة شخصية المصنف والتي تتمثل في تمحيصه للآراء، وترجيح بعضها، أو ردها وتكوين رأى خاص به، وهذا كثير جدا في إرشاد الفحول، بل وفي سائر كتب الإمام رحمه الله تعالى. وأيضا فالإمام جمع في كتابه بين علم الأصول وعلم الحديث، إذ كان الإمام الشوكاني من كبار المحدثين في عصره واعتنى بالحديث متنا وسندا دراية ورواية عناية بالغة، وألف العديد من الكتب العظيمة في هذا العلم.ويتسم منهج الكتاب بالموضوعية والبعد عن التعصب، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها: أنه يرى عدم إمكانية وقوع الإجماع وينكر الاحتجاج به، ثم ينقل آراء العلماء وأدلتهم في مسألة الإجماع السكوتي - وهو من أضعف أنواع الإجماع - نقلا دقيقا، ويرجح من هذه الآراء ما يراه راجحا.وذكر البعض إلى أن الكتاب اختصار شديد لكتاب الزركشي، وإن كان المصنف لم يشر إلى هذا، لكن الذي يرى ما فيه من استقصاء لأقوال العلماء في المسائل الأصولية يغلب على ظنه ذلك. بينما ذهب البعض إلى أنه ما من شك أن "البحر المحيط" من المراجع المهمة للشوكاني، ولكنه لا يصل إلى أن يكون مختصرا عنه، بل ولا أن يكون مصدره الأول. فقد استعان الشوكاني بكثير من الكتب ومنها متن الغاية وشرحه "هداية العقول" للحسين بن القاسم، والمحصول للرازي، وكتاب ابن الحاجب، والجويني، والمنخول للغزالي، وغيرها كثير.فالكتاب إذا تميز عن غيره استقصاء وتحريرا وعرضا واستدلالا وتمحيصا. والله أعلم.